إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012-01-31

ضدّ ترهيب الفنّانين


ضدّ ترهيبِ الفنّانين
  
   يومَ 2011.06.30 اِحتجّ إسلاميّون تونسيّون أمام قاعة سينما "أفريكار" بمناسبة عرض فيلم للمُخرجة "نادية الفاني" الّذي تنظّمه جمعيّة «لَمِّ الشّمل»، ثمّ اقتحموا قاعةَ العرض عنوةً بعد كسْرِ زجاج الباب، واعتدوا بالعنف على بعض الحاضرين. لستُ أدافع عن الفيلم لأنّي لَم أشاهِدْه. إنّما أعارض ترهيبَ الفنّان أيّا كان.
   ما حدَث ليس من الغرابةِ في شيء. هو مشهدٌ مألوف استغلّ فيه «حماةُ الإسلام السّياسيّ» ضعفَ الحكومة وانشغالَ الأحزاب بالحملات الانتخابيّة وهشاشةَ الوضعيْن الأمنِيّ والنّفسيّ لعموم التّونسيّين. أتوقّع أن يستبدلوا في القريب العاجل الهراواتِ بالسّيوف المهنّدة والعصيّ ببنادقِ الصّيد أو ما شابه، وقد يبدأ موسمُ حصاد «الذّبائح البشريّة» في وقتٍ قياسيّ. ولأنّي أومِن بحكمةِ «رُبّ ضارّةٍ نافعةٌ» أقول: حسنًا فعَل هؤلاء. لقد جعلونا نرَى أحدَ وجوههم المشرقةِ بالطّهر والإيمان والجهاد في سبيل مصادرة الفنونِ وأشكالِ التّعبير جميعِها. شكرا لهم على إسقاط أقنعتهم مبكِّرا وعلى مصارحتهم أبناءَ الشّعبِ الكريم بما يلي: «اُنظروا ما سنفعل بكم لو انتخبتمونا». فإن اختارهم التّونسيّون للمجلس الوطنيّ التّأسيسيّ أو للرّئاسة لاحِقا كانوا كمن يفقأ عينيْه بإصبعه. وقتها ستصدُق عليهم المعادلةُ الرّياضيّة: «كما تكونون يُولَّى عليكم». فليس الحاكمُ إلاّ صنيعةَ محكوميه.
   هؤلاء المهاجمون ذوُو الوجوه السّافِرة أخفُّ وِزرا على قلبي وعقلي من زملائهم الملثَّمين بوشاحِ الدّيموقراطيّة وحريّة التّعبير وحقوق المرأة والبرامج التّقدّميّة الحداثـيّة... أمّا الاحتجاجاتُ "الشّعبيّة" العلنيّة الّتي نُظّمتْ بعد صلاة الجمعة في بعض المدن التّونسيّة فهي، حسْب فهمِي المتواضع، إخراجٌ جديدٌ لكنْ رديءٌ فنّـيّا للمذابح القبَليّة الّتي نكبَتْ مدينةَ "المتلوّي" منذ أسابيع. الأيدي الخفيّةُ قد تكون هي هي، ربّما شَدّ أزرَها تحالفُ أعداءِ الأمس القريب. أمّا المالُ السّياسيّ الوفير الّذي ينهمرُ على الجياع المهمّشين فهو كفيلٌ بإنطاقِ الخُرسان وإبْصار العُميان وإحياء الموتى. ولنا قبْلا تجربةٌ فريدة في جرِّ الأموات من ظلمةِ المقابر إلى شفافيّة صناديق الاقتراع!

فوزيّـة الشّـطّي
تونـس: 2011.07.01

ليست هناك تعليقات: