إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2012-01-27

العلمانيّة و التّطرّف


 العَلمانيّةِ و التّطرّفِ
  
الصّراعُ بين العَلمانيّةِ والتّطرّفِ الدّينِيّ ليس وليدَ اللّحظة. إنّما اتّساعُ مساحةِ التّعبير كشَف عُمقَه وعُنفَه وحِدّتَه. في العَقديْن الماضييْن خَمد صوتُ العَلمانيّين إلى حدٍّ كبير. واحتكرَ الإسلاميّون السّاحةَ تقريبا. كان خطابُهم أقربَ إلى الجماهيرِ الشّعبيّة لأنّ تقبُّلَه لا يستدعِي عميقَ تفكيرٍ أو سعةَ ثقافةٍ. إنّه خطابُ "الحلال" أو "الحرام"، "المسلم" أو "الكافر"، "الأخ" أو "عدوّ اللّه"... تلك ثُنائيّاتٌ جاهِزةٌ للاستهلاكِ المباشِر بأقلِّ التّكاليفِ وأخفِّ الأضرار. أمّا العَلمانيّون فقد تعالَوْا على هشاشةِ واقعِهم حتّى انفضَّ النّاسُ مِن حولهم تائبِين مُستغفِرين.
الآن يعود الصّراعُ بسببِ الخوفِ على «مكاسب المجتمع المدنِيّ» والخشيةِ من رِدّةٍ لا يُعرَف أدناها من أقصاها. ليس الوعيُ محرّكَ الصّراع. والدّليل الجهلُ الفاضِح بمفاهيمِ «العَلمانيّة» و «اللاّئكيّة» و «الدّولة المدنيّة»... جهلٌ استغلّه الإسلاميّون، فروّجوا ترادُفَ ما سبق مع "الكفرِ والإلحاد ونفيِ الدّين" ليُعمّقوا عزلةَ الخصْم عن الرّأيِ العامّ التّونسيّ. لم نرَ نخبةً حقّةً تنْبرِي لسدّ النّقصِ المعرفِيّ عند عامّةِ النّاس وخاصّتِهم. بل ألفيْنا "نُخبا سياسيّة" تدْفعُ عن نفسِها تُهمَ الكُفرِ والإلحاد بشتّى السّبل وأعتَى القرائنِ، عساها تُفلِتُ من قَفَصِ الاتّهامِ. مازال الصّراعُ غيرَ مُتكافئ لأنّ حجمَ الأمِّـيّة، كحجمِ الفساد، مَهولٌ ضخّمتْه "العائلةُ المالكة" بِسبْق الإضْمارِ والتّرصُّد ليخْلوَ لها الجوُّ ويحلوَ هتكُ الأعْراض. والعقلُ رأسُ تلك الأعراض المُداسَة عَلى مَهَلٍ.
فوزيّـة الشّـطّي
تونس: 2011.06.17

ليست هناك تعليقات: