إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2013-06-20

شعر: نوحُ بغدادَ.

نُوحُ بَغْدَادَ 
[نُشِرت في جريدة 'الشّعب': 2006.12.30]
الإهداء: إِلَى بَغْدَادَ الَّتِي جَمَّلَهَا التَّارِيخُ مَنَارَةً وَقُرْبَانًا.

إِلَيْكِ الطَّرِيقُ... يُخَلِّي الطَّرِيقْ
وَيَـمْتَدُّ وَعْرُ الْمَكَانِ سُهُولاَ
بِجَسِّ خُطَاكِ وَلَمْسِ الْيَدَا
وَيَنْهَالُ دَمْعُ السَّمَاءِ حَنِينًا لِهَمْسِ الصَّدَى
حَنِينًا لِوَصْلِ الْجَبِينِ الْغَرِيقْ
حَنِينًا لِطَلْقِ الْمَدَى، تَنَاهَى الشَّهِيقْ:
«لِمَاذَا تَكَسَّرَ ضَوْءُ الصَّبَاحِ
عَلَى وَجْنَةٍ سَالَ مِنْهَا الذُّبُولُ؟
لِمَاذَا جُنُونُ السَّمَاءِ يَفِيضُ
كلَعْناتِ رَبٍّ، وَرَبِّي، جَهُولُ؟
لِمَاذَا عَصَافِيرُ بَيْدَرِنَا لاَ تَعُودُ
وَفِي الْغَيمِ حَبٌّ جَمُوحٌ ذَلُولُ؟
لِمَاذَا يُنَامُ لِصَحْوٍ كَأُنْشُودَةِ الطَّلِّ سُكْرًا
وَنَصْحُو لِسُكْنَى الْمَنَامِ وَالرُّوحُ فِينَا ذَهُولُ؟
لِمَاذَا الْقَدِيرُ مَا قَالَ: "كُنْ"، فَيَكُونُ
وَقَالَ. فَكَانَ التَّتَارُ، وَكَانَ الْمَغُولُ؟»
s  s  s
وَبِالصَّمْتِ رَدَّ الْكَلاَمُ اعْتِبَارَهْ:
«هِيَ الْأَرْضُ مَادَتْ بثِقْلِ الْجِرَاحِ
وَأثْقَالِ أَفْرَاحِنَا الْمُسْتَبَاحَهْ
وَثِقْلِ الْعَدَدْ.
هِيَ الشَّمْسُ أَرْخَتْ جَنَاحَيْهَا ذُلاًّ
هِيَ الرُّوحُ أَنَّتْ كَهَامَاتِ جَدٍّ
شَكَا عَطَشًا كَالدُّهُورِ عُتُوًّا
وَفَلَّ تَشَكِّيهِ نَعْيُ الْوَلَدْ»
s  s  s
تَرَجَّلَ نُوحٌ كَلَفْحِ الْحَرِيقْ
وَخَطَّ بِدَمْعِ الْحِدَادِ سُقُوطَ الْأَنَامِ:
«أَلَسْتُ مِنَ السَّيْلِ أَنْجَيْتُ خَلْقًا
وَطَوَّفْتُ حَتَّى اسْتَبَانَتْ سَبِيلُ الْمُقَامِ؟
أَكُنْتُ لِسَيْلٍ مِنَ الشَّرِّ جَارِفْ
أُهَيِّئُ نَسْلِي الْغَرِيرَ الصَّفِيقْ
وَأَبْنِي مَدِينَ السَّلاَمِ؟
أَرَانِي هُنَا الْآنَ أُغْرِقُ سُفْنِي وَأَذْرِي رَمَادَ الْفِنِيقْ
رَمَادُ الْمَدِينَةِ يَصْهَلُ فِيَّ
إِلَيَّ يَـمُدُّ عِنَانَ الْخُيُولِ الْعِقَامِ
لِأُهْدِي إِلَيْهَا شُرُودَ الْيَمَامِ
لِبَعْثٍ صَدَاهُ كَنَفْحِ الْقِيَامِ
أَمُدُّ الْجُسُورَ... أُخَلِّي الطَّرِيقْ
إِلَيْهَا الطَّرِيقُ... يُخَلِّي الطَّرِيقْ».
فوزيّة الشّـطّي
تونس: ماي  2000



ليست هناك تعليقات: