إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2017-10-13

خطفُ الأطفالِ: إجرامٌ استعماريّ

خطفُ الأطفالِ: إجرامٌ استعماريّ
اِختطفتْ 'كندا' في ستّينات القرن الماضي آلافَ الأطفال الأستراليّين الأصليّين (الأبورجين) بحجّة 'تبنّيهم'. والآن تُقرُّ لعائلاتهم بالحقّ في التّعويض الماليّ السّخيّ. لكنّ التّعويضَ الماليّ لا يكفي ولا يُنصف الضّحايا أحياءً كانوا أو أمواتا. إنْ كانت العدالةُ هي ما نريدُ حقّا، فيجب التّحقيقُ العميقُ في مصيرِ هؤلاء المخطوفين مِن أسرهم ومِن أوطانهم: أين هم الآن؟ ما المصيرُ الحقيقيّ الّذي لقوْه في الدّولة الخاطفة؟ هل يمكنُ الوثوقُ بأنّ خاطفَ الطّفل مِن أهله، وهو مُرتكبُ جريمة شنيعة، سيَمنحُه حياةً أفضل؟ ثمّ إنّ 'التّبنّي' أمرٌ مشكوكٌ فيه إلى أقصى حدّ. فالأرجحُ أنّ أغلبَ الأطفال المخطوفين تمّ بيعُهم كعبيدِ جنسٍ لعصابات 'البيدوفيل' (هم منحرفون جنسيّا يميلون إلى اغتصابِ الأطفال والمراهقين) أو كخدمٍ بلا أجرةٍ في الدّيار والحقول والمصانع أو كـ 'فئرانِ تجارب' لدى المخابرِ الصّناعيّة المتنوّعة...
المحاسبةُ الحقيقيّة هي فضحُ المذنبين وردُّ الاعتبار للضّحايا ولعائلاتهم المنكوبة ولو بمحاكمات رمزيّة للخاطفين وللمتعاونين معهم: إنْ تعذّرتْ محاكمةُ الخاطفين المباشرين، فلْنحاكم المنظومةَ الاستعماريّة الإرهابيّةَ الّتي أنتجتْهم ودرّبتْهم وسلّطتْهم على أضعفِ الخلق وأحْوجِهم إلى الحماية.
حصلتْ جرائمُ مماثلةٌ ضدّ أطفال أفريقيا السّوداء أثناءَ الهجمة الاستعماريّة عليها بين القرنيْن السّادسَ عشرَ والتّاسعَ عشرَ. وكانت الغايةُ الكبرى تعميرَ العالم الأمريكيّ الجديد باليد العاملة المجانيّة. وفي المقابل اُرتُكبتْ الجرائمُ نفسُها ضدّ آلافِ الأطفال مِن الأمريكيّين الأصليّين (الهنود الحمر) الّذين اُختطفوا بقوّة الحديد والنّار مِن عائلاتهم بحجّة تعليمِهم في مدارس الغُزاة وإدماجِهم في 'حضارة الرّجل الأبيض' الّذي يحسَب نفسَه 'بانـِيَ المدَنيّة الحديثة'. وكان للكنيسةِ المسيحيّة اليدُ الطُّولَى في خطفِهم والإشرافِ على 'تعذيبِهم' وبيعِهم لاحقا لمافيات الدّعارة في بريطانيا العظمَى أساسا (معدّلُ حياةِ الطّفل المملوكِ لدى 'البيدوفيل' لا يتجاوز العاميْن). لكنْ لا أحدَ منهم عاد حيّا أو عُثِر على جثّته. اِختفوْا جميعا في ظروفٍ غامضة تشيرُ بإصبع الاتّهام إلى 'المافيات الحكوميّة' دون أن تستطيعَ إدانتَها قانونا. فمن احترف جرائمَ الإبادة هذه، يعرف كيف يمحُو آثارَها مِنْ عليه وكيف يدمّرُ قرائنَ الاتّهام.
واليومَ يُنتزَعُ أطفالُ 'اليمن' مِن أُسرِهم ومِن وطنهم ليُرسَلوا قسرا إلى الكيان الصّهيونيّ بنفسِ الحجّة الكاذبة: 'التّبنّي'. والأكيدُ أنّ الأمرَ صفقةٌ إجراميّة تورّطتْ فيها حتْما منظّماتٌ دوليّة 'راعية لحقوق الإنسان' وعمِل على تأمينها آلُ سعود/صهيون وحلفاؤُهم بأجر مّا. فالمعلومُ أنّ الكيانَ الصّهيونيّ الفاشيّ يجرّبُ جميعَ الأسلحة الّتي يُصنّعها على البشر (الفلسطينيّين وغيرهم) قبل بيعِها إلى حرفائه وأنّه يتزعّم تجارةَ الأعضاء البشريّة المنتزَعة مِن أصحابها خِداعا أو سطوا أو قتلا. ويحقّقُ مِن الاتّجار بها في الأسواق، الرّسـميّة والسّوداء على السّواء، مواردَ ماليّة ضخمة. لقد أتقن عملاؤُه التّسرّبَ إلى المنظّمات الدّوليّة، أمنيّةً (منظّمات حفظ السّلام...) كانت أو حقوقيّة أو خدماتيّة (منظّمةُ 'القبّعات البيضاء للإغاثة والتّنمية' أقبحُ نموذج) أو إعلاميّة، كي يوفّروا القناعَ الملائمَ لارتكاب الجريمة المنظّمة في أمان تامّ... أمّا اليمنُ الّذي يكابدُ منذ 2015.03.25 محرقةً (شُهِرتْ: 'عمليّة عاصفة الحزم') نفطيّةَ التّمويل عربيّةَ الفواعل (السّعوديّة، مصر، المغرب، الأردن، السّودان، الإمارات العربيّة، الكويت، قطر) أمريكيّةَ التّخطيط صهيونيّةَ الهدف، فهو أعجزُ ما يكون عن حماية أطفاله مِن العصاباتِ الإرهابيّة العابرةِ للقارّات المستقويةِ بالحكومات العميلة. إنّه اليمنُ الشّهيدُ الّذي يُغتالُ أطفالُه عِيانا ويُدمَّر كيانُه تدميرا قصديّا تلموديَّ اللّمسات.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2017.10.13


ليست هناك تعليقات: