المؤامرةُ الإخوانيّة مستمرّةٌ
نفسُ
السّيناريو المصريّ تقريبا يُعدّ لتونس مع بعض التّعديلات مراعاةً لحجم البلاد وموقعها
الجغرافيّ وخصوصيّة شعبها وطبيعة المرحلة الانتقاليّة الحاليّة فيها. والمناوراتُ الّتي
يواجه بها "حزبُ النّهضة"، الفصيلُ الإخوانيّ التّونسيّ، حركةَ التّمرّد
الشّعبيّةَ ضدّه دليل على أنّه يأتمر بتوصيات التّنظيم العالميّ الأمّ وبأوامر المخابرات
الأمريكيّة وبخطط جماعات الضّغط الصّهيونيّة. فالنّهضةُ مَدينة بوجودها في الحياة السّياسيّة
وعلى كرسيّ الحكم لهؤلاء الحلفاء لا لقواعدها الشّعبيّة الزّائفة ولا لبرنامجها الانتخابيّ
المزوّر.
الآن
بعد أن سقط "إخوانُ" مصر في تجربة الحكم انكبّ التّنظيمُ وحلفاؤه التّقليديّون
على إعادة تنظيم الأوراق بما يضمن تحقّقَ مشروع "الشّرق الجديد" الّذي
قطعَ أشواطا جبّارة مع "الرّبيع العربيّ" المغدور. وتأكّد الجميعُ، على ما
يبدو، من وجاهة الدّرس التّركيّ: حزبُ العدالة والتّنمية الحاكمُ هناك "أخوَن"
الدّولةَ والشّعب (وربّما الجيشَ أيضا) تدريجيّا مُعتمدا سياسةَ المراحل وتقنيةَ التّقيّة.
"أردوغان" لم يُعلنْ يوما انتماءَ حزبه إلى "التّنظيم العالميّ للإخوان
المسلمين"، ولم يعترضْ علنا على العَلمانيّة المضمّنة في الدّستور التّركيّ، ولم
يُجاهرْ إطلاقا باعتناقه الإسلامَ السّياسيّ... بل افتتح حكمَه بإعلان حربٍ ضروس على
الفساد ممّا ضمن له قاعدة شعبيّة واسعة واحتراما مُعلنا من عديد المهتمّين بالشّأن
السّياسيّ. لقد خدعَ أغلبَ ناخبيه، وناور الرّأيَ العامّ في الدّاخل والخارج، وأبدى
انفتاحا خادعا على الخصوم والمنافسين سياسيّا وإيديولوجيّا إلى أن كشفتْ الاحتجاجاتُ
الشّعبيّة الأخيرة في تركيا سقوطَ القناع.
وهذا
ما يحتاجه "إخوانُ" تونس ومصر الّذين يعيشون اليومَ سباقا مريرا مع الزّمن،
يحتاجون ربحَ المزيد من الوقت لإعادة ترتيب البيت الدّاخليّ وإجراء النّقد الذّاتيّ
اللاّزم واستعادة السّلطة بأيّ ثمن. فالدّمُ مباح بل مُهدَر بضوء أخضر أمريكيّ،
وبيعُ الأوطان حلالٌ محلّل في سوق العمالة الشّرهة السّخيّة، وهتكُ الأعراض "جهادٌ"
يُقرّه الإفتاءُ الوهّابيّ النّاطقُ الرّسميّ باسم المصالح الإمبرياليّة
المتوحّشة...
لَمّا
تنتهِ معركةُ المصريّين والتّونسيّين مع الاحتلال الإخوانيّ. لقد بدأتْ للتّوّ. هم
يحاربون مصرَ لاستعادة عرشٍ تهاوَى بأسرعَ مِمّا توقّع أوياءُ النّعمة، ويصارعون
تونسَ للتّمسّك بسلطة فقدتْ الشّرعيّةَ القانونيّة والسّياسيّة والشّعبيّة لكنْ ما
انفكّتْ تحظى بـ "الشّرعيّة" الاستعماريّة. تنظيمُ الإخوان هو الحديقةُ
الخلفيّة المعتِمة الغامضة البائسة للغرب الاستعماريّ. هكذا كانتْ النّشأة، والأصلُ
غالبٌ على أهله.
فوزيّـة
الشّـطّي
تونس: 25
أوت 2013