إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2021-10-31

شعر: مَن يكونُ؟

مَنْ يَكُونُ؟

(تفعيلةُ الكامل: مُتَفَاعِلُنْ)

نُشر النّصُّ في 'ديوانُ العرب 2021.10.31

هُوَ لاَ يُسَمَّى، لاَ يُكَنَّى

لاَ تُوَصِّفُهُ اللُّغَاتُ.

هُوَ فَيْضُ أَخْيِلَةٍ تَبَدَّتْ كَالغَمَامِ

بِعَتْمَةِ الشِّعْرِ الكَسِيحِ،

وَأَسْرَجَتْ خَيْلاً هَزِيـمًا

نَـحْوَ وَيْلاَتِ الفَيَافِـي.

هُوَ مُفْرَدٌ قَحْطٌ

وَجَـمْعٌ قَدْ تَـمَزَّقَ شَـمْلُهُ الـحَافِي،

تَصَيَّدَهُ الشَّتَاتُ.

وَهْوَ خَيْبَاتُ الـمُثَنَّى.

كِذْبَةٌ أَحْلَى مِنَ الصِّدْقِ الـجَرِيحِ،

أَمَرُّ مِنْ أَمَلٍ ذَبِيحٍ،

لَعْنَةُ القَلْبِ الـمُعَنَّـى

صَفْحَةٌ قَتُمَتْ وَفَاضَ سَوَادُهَا فَيْضَ الـحِمَامِ.

هُوَ لاَ يُسَمَّى، لاَ يُكَنَّى

يَنْجَلِي مَسْخًا سَقِيمًا بَلْ عَقِيمًا.

فِي ظَلاَمِ القَلْبِ مِنَّا

يُسْلِمُ الرُّوحَ اغْتِرَابًا أَوْ هَشِيمًا.

ثُمَّ تَلْفَظُهُ اللُّغَاتُ.

فوزيّة الشّطّي

تونس: 2021.10.24

أكروبليوم قرطاج، عدسة: فوزيّة الشّطّي

2021-10-30

وقفةٌ احتجاجيّة ضدّ إجباريّة التّلقيح: 2021.10.30

وقفةٌ احتجاجيّة ضدّ إجباريّة التّلقيح: 2021.10.30

تونس العاصمة، شارع الحبيب بورقيبة، قدّام المسرح البلديّ:

نظّم يومَ السّبت (2021.10.30) عند منتصفِ النّهار، مواطنون تونسيّون مستقلّون ومُنتمون إلى تنظيماتٍ سياسيّة ومدنيّة متنوّعة، وقفةً احتجاجيّة رفضا لإجباريّةِ التّلقيح الكورونيّ المشبوه المسموم. وكانت سلطةُ الانقلاب قد أصدرتْ يومَ 22 أكتوبر/تشرين الأوّل 2021 فجأةً ودون استشارة أحد، مرسوما رئاسيّا يتعلّق بما يُسمَّى «جواز التّلقيح ضدّ فيروس كورونا» Green Pass. ولأنّ التّلقيحَ الكورونيّ خطّةٌ ماسونيّة عالميّة تستهدفُ الإنسانيّة جمعاءَ بالاستعبادِ والإبادة والتّعديل الجينيّ، فقد تكفّل الحكّامُ، طوْعا أو كرْها، بتنفيذِها حرفيّا غصْبا عن إرادةِ شعوبهم ودوْسا للحقوقِ القانونيّة الّتي تـمنعُ مثلَ هذا الإجراءِ التّعسّفيّ الاستبداديّ الّذي يجسّدُ «إرهابَ الدّولة» شرَّ تجسيد. وأخطرُ ما في هذا المرسوم المسقَط علينا كالطّامّة الكبرى والّذي هو نسخةٌ مـمّا صدرَ قبْلا في فرنسا وإيطاليا وأستراليا والمغرب الأقصى وغيرها، ارتباطُ التّلقيح بمواصلة العمل في القطاعيْن العامّ والخاصّ مِن عدمِه. أيْ مَن يلقّحُ يواصل العملَ، ومَن يرفض التّلقيحَ يُقصى مِن عمله الحاليّ أو يُستثنى مِن الانتداب إذا كان ما يزال معطَّلا عن العمل. يهدف هذا الرّبطُ الشّرطيّ التّلازميّ إلى ابتزازِ النّاس وتجويعِهم والتّضييقِ على حركتهم سعيا إلى إجبارهم على تلقّي تطعيمٍ قاتل صُنِّعتْ مِن أجله «مسرحيّةُ الفيروس المزعوم» بكفاءةٍ عالية كان فيها للإعلامِ المافيوزيّ الموبوء دورُ البطولة تضليلا وترهيبا وتزويرا للأرقام والأحداث وتزييفا للوعي الجماعيّ.

لم يبقَ أمام الشّعوب الواقعةِ في هذا الفخّ الرّهيب إلاّ المقاومةُ عبر الاحتجاجِ العلنيّ المتصاعد الطّويل النَّفَس. فالأكيدُ أنّ الحكوماتِ الـمحلّيّةَ المحكومةَ مِن وراء البحار بسياسة الضّغط على الأزرار، لن تتراجع عمّا قرّرتْ إلاّ إذا أجبرتْـها «السّلطةُ الـمُواطَنيّة» الصّلبةُ المتحالفة المنظّمة على ذلك.

فوزيّة الشّطّي

تونس: 2021.10.30











عدسة: فوزيّة الشّطّي
تدوينة فيسبوكيّة: 2021.11.01

2021-10-10

اقتباسٌ: مِن مقدّمة كتاب "رسائلُ إخوان الصّفاء وخلاّن الوفاء"، د. عارف تامر

d اقتباسٌ مِن: 'رسائلُ إخْوانِ الصَّفاء وخِلاّنِ الوَفاءد. عارف تامر c

اِقتبسْنا، بتصرّفٍ طفيف، بعضَ الفقرات مِن مقدّمةِ كتاب: 'رَسائلُ إخْوانِ الصَّفاء وخِلاّنِ الوَفاء'، إعداد وتحقيق: الدّكتور عارف تامر، منشورات عويدات، بيروت، باريس، الطّبعة 1، خمسةُ أجزاء، 1995م-1415ه.

المقدّمة: الحقيقةُ في 'رسائلُ إخوانِ الصّفاء وخِلاّنِ الوفاء'، الجزء 1:

-  (ص: 8): [الجماعةُ] لغزٌ مُبْهَمٌ في التّاريخ الإسلاميّ يصعبُ حلُّه، وسرٌّ مِن أسرارِ العقائد الشّيعيّة عسُر فهمُه، وكنزٌ فكريّ ثمين أُغلِقت الأبوابُ دونَه وتضاربت الأقوالُ فيه [...] حتّى أصبحَ مثارا للجدلِ والتّخمين لدى العلماءِ والباحثين [...].

-  (ص: 8-9): ولعلّ إخوانَ الصّفاء، وهم الدُّعاةُ الّذين كانوا يعملون تحتَ إمْرةِ أئمّةٍ يتحدّرون مِن عِتْرةِ الرّسول الكريم ويُخطّطون لأعمالٍ بعيدة، تعمّدُوا إخفاءَ أسمائهم عن عامّةِ النّاس حرصًا على حياتِهم المهدَّدة مِن ملوكِ ذلك العصر وخلفائِه ومبالغةً في كتمانِ هدفٍ رغبوا ألاَّ يصلَ الطّالبُ إلى معرفتِه بسهولة. وقد يكون زُهدًا في شهرةٍ اعتقدوا أنّها زائلةٌ أو طمعًا في ثوابٍ طمِعوا بالحصول عليه.

-  (ص: 9): [الرّسائلُ] هي أغزرُ مادّةٍ فلسفيّة وأقومُ تحفةٍ علميّة وأثـمنُ موسوعةٍ فكريّة، ضمّتْ في دفّتيْها البديعَ والإيجاز والبيان والبلاغة والحكمة. أمّا العلومُ والفنون الّتي وردتْ فيها فهي: الفلكُ والرّياضيّات والعدد والموسيقى والهندسة والطّبّ والأدب وعلمُ الحيوان والتّربية والشّعر وعلومٌ أخرى ابتدعها العقلُ الإسلاميّ في عصرٍ مبكِّر مِن عصور الإسلام وفي فترةٍ كانت فيها الفلسفةُ تُعتبَر ضربا مِن الكفر والإلحاد. أمّا المتنوّرون فقالوا: بأنّها تمثّل الرّقيَّ العقليّ والتّطوّرَ الفكريّ وأنّها أقدمُ مصدرٍ في الفلسفةِ الإسلاميّة وفي الثّقافةِ الواسعة والتّبسيطات للمعضلات الفلسفيّة بل أغنَى موسوعةٍ في العلوم والآداب النّاطقة بسهولةِ الأسلوب ومرونةِ الاستدلال.

-  (ص: 9-10): نستطيع أن نقولَ بأنّ إخوانَ الصّفاء وخلاّنَ الوفاء هم الأسسُ والدّعائم الّتي شادَ الإسماعيليّون عليها بناءَ فلسفتِهم. فكانتْ أوّلَ بذرةٍ فلسفيّة نمتْ وترعرعتْ في ظلِّ الفكر الإسلاميّ.

-  (ص: 14-15): بعد أن انفرطَ عِقْدُ الكتلةِ الشّيعيّة الكبرى، وقع الانقسامُ الشّيعيّ الكبير إلى 'إسماعيليّةٍ' و'مُوسَوِيّة' [= جَعْفَريّة = إمامِيّة = اِثنيْ عَشْريّة]. وكانت الشّيعةُ بصورةٍ عامّة قد قبلتْ ولايةَ العهد الّتي نصّتْ على الإمام 'إسماعيلَ' الابنِ الأكبر للإمام 'جعفرٍ الصّادق'. ولكنْ عندما تُوفّي إسماعيلُ في حياة أبيه، بايع الإسماعيليّون ولدَه 'محمّدا بنَ إسماعيل' للإمامة، بينما بايع الاثنا عشريّةُ الابنَ الأصغرَ للإمام جعفر 'موسى الكاظم' [128ه-183ه. هامش: يُعتبَر مِن وجهةِ النّظر الإسماعيليّة إماما مُستَوْدَعا وسَتْرا على ابنِ أخيه الـمُستقِرّ محمّدٍ بن إسماعيل]. وهكذا وقع الاختلافُ الـمُؤسِف الّذي قلبَ المفاهيمَ وشطرَ كتلةَ الشّيعة إلى فرقتيْن لم تلتقيا بعد ذلك.

-  (ص: 15): إنّ هذا الاختلافَ وقعَ في عهدِ الدّولة العبّاسيّة الّتي كانت في ذلك الوقتِ منهمِكةً في استئصالِ شَأْفةِ [اِستأْصلَ شَأْفَتَه: أَزالَـه مِن أصْلِه، قَطَعَ دابِرَه] أبناءِ عمومتِهم 'العَلَوِيّين الطّالبِيّين' [همْ مِن نسلِ عليٍّ بن أبي طالب] الّذين كانوا قد انقسمُوا أيضا في تلك الفترةِ إلى عدّةِ فروع [...]. وكان مِن الطّبيعيّ أن يعتبرَ العبّاسيّون الإمامَ 'محمّدا بنَ إسماعيل' [عند الشّيعةِ الإسماعيليّة هو الإمامُ الثّاني وأحدُ الأئمّةِ المستُورين المختفِين الّذين لا يعلمُهم إلاّ خواصُّ الطّائفة] مِن عناصر هذه المجموعة ومِن أكثرِها خطرا. فهو شخصيّةٌ مرموقة وذاتُ نفوذٍ كبير وأكثرُ المعارضين شأنا وأهـمّيّة. لهذا وجّهوا انتباهَهم إليه. وأخذوا بمراقبتِه وملاحقتِه. ثمّ إنّهم طاردوه في كلّ مكانٍ وحاولوا سدَّ المنافذ بوجهِه تمهيدا للقبضِ عليه، ممّا جعله يُسرع بالخروجِ مِن 'المدينة' واللّجوءِ إلى مكان بعيد مُتخفِّيا ومُستتِرا عن الأنظار. فحطّ الرّحالَ في بلاد فارسَ. ولـمّا لمْ يجدْ فيها الأمنَ المنشود، انتقل بسرّيّةٍ مطلَقة إلى مكانٍ أبعد، وهو مدينةُ 'تَدْمُرَ' السّوريّةُ. وهناك سمّى نفسَه 'ميمون القَدّاح' الفارسيّ أي 'قَدّاح العيون'. [...] اِمتهنَ طبَّ العيون بالفعل، وارتدى الثّيابَ الفارسيّة. وغايتُه إخفاءُ شخصيّته عن عيونِ الأعداء [...].

-  (ص: 15-16): وُلد الإمامُ 'محمّدٌ بنُ إسماعيل' سنةَ 141ه في 'المدينة المنوَّرة' [كانت تُسمّى 'يثرب' قبل الهجرةِ النّبويّة إليها]. وتُوفّي في بلدةِ 'تَدمُرَ' السّوريّة سنةَ 184ه. ودُفن فيها. فتسلّم الإمامةَ ولدُه 'عبدُ الله' المولود في بلدةِ 'تَدمُرَ' السّوريّة سنةَ 169ه والمتوفَّى في بلدة 'سَلَمِيّةَ' السّوريّة سنةَ 232ه. وهذا الإمامُ عُرِف بأنّه 'عبدُ الله بنُ ميمون القَدّاح' [...]. وكان أوّلُ عملٍ قام بتحقيقِه تنظيمُ الدّعوة والبدءُ بتأليف الرّسائل الآنفة الذّكر. ولكن، مع كلّ الأسف، مات قبل أن يُنجزَ هذا المشروعَ الكبير، ممّا حمل وليَّ عهدِه الإمامَ 'أحمدَ بنَ عبد الله'، المولودَ في 'سَلَميَّةَ' سنةَ 198ه والمتوفَّى في بلدة 'مَصْياف' سنةَ 265ه، على إنجازِه. وقد أضاف إليها 'الرّسالةُ الجامِعةُ' الّتي هي لبُّ الرّسائل وقلبُها وثـمرتُها.

-  (ص: 16): هذا الاسمُ 'إخوانُ الصَّفاء وخِلاّنُ الوفاء' أُطلِق اصطلاحا على الدُّعاةِ الـمُكلَّفين بإدارةِ شؤون الدّعوة الإسماعيليّة في أوقاتِ السَّتر أو الظُّهور. وقد احتفظ الدّعاةُ بهذا الاسم حتّى عهدِ آخر خليفةٍ فاطميّ في مصرَ. لهذا فإنّ 'أبا حيّانٍ التّوحيديَّ' [310ه/922م-414ه/1023م]. عندما التقى ببعضِ أعضاء جمعيّة 'إخوان الصّفاء' في 'البصْرةِ' [مدينة تقعُ في أقصى جنوبِ العراق]، ظنّ أنّ هذا الاسمَ خاصٌّ بهم وحدَهم وأنّهم أصحابُ الرّسائل. وقد فاتَه أنّ أعضاءَ جمعيّة 'إخوان الصّفاء' كانُوا في كلِّ قُطرٍ يكون فيه فرعٌ للدّعوةِ الإسماعيليّة... ومِن هنا فلا يمكن أن نقولَ إنّ كلَّ هؤلاء همْ إخوانُ الصّفاء. والحقيقةُ أنّ هذه الدّائرةَ الفلسفيّة وضعها أحدُ الأئمّة المستورين، وهو الإمامُ 'أحمدُ بنُ عبد الله' [هو 'أحمدُ بنُ عبد الله بنُ محمّد بنُ إسماعيل بنُ جعفر الصّادق': 198ه-265ه. وهو الإمامُ المستور الرّابع الملقَّب بـ 'محمّد التّقيّ']، في بلدة 'سَلَميّة' السّوريّة.

-  (ص: 31-32): [...] إنّ فلسفةَ إخوان الصّفاء قد اجتمعتْ في اثنتيْن وخمسين (52) رسالةً. وهي تمثّل الفلسفةَ الإسلاميّة. وكانت في بدءِ ظهورِها تشمل النّظرَ في: مبادئِ الكائنات وأصولِـها، إلى نَضْدِ [النَّضْدُ: الضَّمُّ الـمُتَّسِقُ] العالم، فالـهَيُولَى [المادّةُ الّتي يُصنَع منها الشّيءُ] والصّورةِ، وماهيّةِ الطّبيعة، والأرضِ والسّماء، ووجهِ الأرض وتغيّراتِه، والكونِ والفساد والآثار العُلْويّة، والسّماءِ والعالم، وعلمِ النّجوم وتكوينِ المعادن، وعلمِ النّبات وأوْساطِ الحيوان، ومسقطِ النّطفة وكيفيّةِ رباط النّاس بها، وتركيبِ الجسد والحاسِّ والمحسوس والعقلِ والمعقول، والصّناعاتِ العِلميّة والعمَليّة، والعددِ وخواصّه والهندسةِ والموسيقى، والمنطقِ وفروعه واختلافِ طبيعة العدد، وأنّ العالَـمَ إنسانٌ كبير والإنسانَ عالَـمٌ صغير، والأكْوارِ والأدْوار، وماهيّةِ العشق والنُّشور، وأجناسِ الحركات والعِلل والمعلولات، والحدودِ والرّسوم. وبالجملةِ فقد ضمّنوها كلَّ علمٍ طبيعيّ أو رياضيّ أو إلهيّ أو عقليّ.

-  (ص: 34): وتُقسَّم الرّسائلُ إلى أربعةِ أقسام:

1-                   رِياضيّة تَعليميّة، وهي أربعَ عشرةَ (14) رسالةً.

2-                   جِسمانيّة طَبيعيّة، وهي سبعَ عشرةَ (17) رسالةً.

3-                   نَفسانيّة عَقليّة، وهي عشرةُ (10) رسائلَ.

4-                   نَاموسيّة إِلـهيّة، وهي إحدى عشرةَ (11) رسالةً.

-  (ص: 46): إنّ الإمامةَ لم تكنْ في يومٍ مِن الأيّام، بالنّسبة إلى الإسماعيليّة، إلاّ القاعدةَ الرّئيسيّة للدّولةِ وللدّعوة الدّينيّة معا. وقد استعاضُوا بها عن الخلافة الّتي قال بها الأمويّون والعبّاسيّون. وأطلقوا [الإسماعيليّون] على الإمامةِ اسمَ 'الوِصَايَة '، ومعناها 'التَّوْلِيَةَ '. إذن فهي نظامٌ مِن أنظمةِ الحكم قِوامُه القرآن وأساسُه الشّريعة. فالإمامُ هو نائبُ الرّسول والقائمُ مقامَه في الحفاظِ على أُسس الدّين وحمايةِ الشّريعة ومنعِ أيّ تغيير أو تحوير أو تبديل في أصولها وأسسها. ومِن الحقائقِ الثّابتة أنّ الإمامةَ عندهم ليستْ 'رَجعةَ الإمام' بعد موته ولا 'التّجسيمَ' أو 'الـحُلولَ' أو 'معرفةَ الغيب' أو الأسرار أو 'القدرةَ' على كلّ شيء أو 'التّقمّصَ' أو 'الألوهيّةَ' أو غيرَ ذلك.

-  (ص: 47): إنّ الإمامَ 'عليّا بنَ أبي طالب' كان أشدَّ قسوةً وصرامة على القائلين بأُلوهيّته. وهكذا [كان] حفيدُه 'جعفرٌ بنُ محمّد' الصّادقُ [هو 'جعفرٌ بنُ محمّد الباقر بنُ عليّ زين العابدين بنُ الحسيْن بنُ عليّ بنُ أبي طالب' (80ه-148ه)، كنيتُه: 'أبو عبد الله'، ولقبُه: 'الصّادق']. فقد حارب الأفكارَ المتطرّفةَ كما حاربها الأئمّةُ الّذين جاؤوا بعده وتبرّؤُوا مِن قائليها وحثّوا الدُّعاةَ على نبذِها وأفردُوا المقالات والأحاديث لشجبِها واستهجانها.

-  (ص: 62): وكتابُ ابن رُشد [520ه/1126م-595ه/1198م، هو 'محمّدٌ بنُ أحمدَ بنُ رشد الحفيدُ'، كنيتُه: أبو الوليد] 'فصلُ المقالِ' يُعَدّ أقدمَ ما كُتِب في الجمعِ بين الدّين والفلسفة لأنّ الحقيقةَ الدّينيّة لا تختلف في نظره عن الحقيقيةِ الفلسفيّة. بل الفلسفةُ بنظرِه صاحبةُ الشّريعة وأختُها الرّضيعة. وبَشّر إخوانُ الصّفاء، وعمِلوا لأجل التّوفيق بين الدّين والفلسفة بحسب مبادئهم الّتي تُلزمهم بالاستهداءِ بالعقل الّذي هو مصدرُ الوحي والإلهام بالنّسبةِ إليهم كما استهدَى العلماءُ بالكتبِ السّماويّة الّتي أوحى اللهُ بها للأنبياء. بعد هذا يمكن القولُ: بأنّ الدّينَ هو الإيمانُ المطلَق دون دليلٍ وبرهان، والفلسفةُ هي عدمُ الإيمان بشيءٍ إلاّ بعد التّأكّدِ والتّثبّت مِن الحقيقة والواقع. فالعالِـمُ يؤمن طوعا وتسليما، بينما الفيلسوفُ لا يؤمن إلاّ على ضوءِ العقل. ومِن هنا كانت النّقمةُ عليه.

dفوزيّة الشّطّي c

d تونس: 2021.8.12 c