إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2021-06-27

ضدّ أحكامِ الإعدام السّيساويّة

ضدّ أحكامِ الإعدام السّيساويّة

± الخبر:

أصدرتْ محكمةُ النّقض المصريّة، وهي أعلى سلطةٍ قضائيّة، يومَ الاثنيْن 2021.6.21 حكما بالإعدامِ في حقّ اثنيْ عشر مواطنا مِن المتّهَمين في قضيّة 'فضّ اعتصام رابعة'.

± التّعليقُ:

رغم أنّي لا أعارض حكمَ الإعدام معارضةً مبدئيّة بل أراه شرّا لا بدَّ منه في جرائم محدّدة (الخيانة العظمى، الاغتصاب، الإرهاب، جرائم الحرب، الجرائم ضدّ الإنسانيّة...)، فإنّي أُدين أحكامَ الإعدام الّتي أصدرها 'قضاءُ التّعليماتِ' التّابعُ للفاشيّة السّيساويّة ضدّ 12 مصريّا مِن المشاركين في اعتصام رابعة. ذاك الاعتصامُ ضدّ الانقلاب العسكريّ الّذي كان النّظامُ قد فضّه يومَ 2013.8.14 بأشرسِ وسائل 'العنفِ الشّرعيّ' (أيْ إرهاب الدّولة) وارتكبَ خلال ذلك مجزرةً رهيبة ضدّ المدنيّين رجالا ونساء وأطفالا. فحتّى المنسحبون سلميّا تمَّ قنصُهم. وحتّى الجرحى مُنِع المسعِفون مِن نجدتِهم ليُعتقَلوا وهم يتعذّبون أو لينزفُوا حتّى الموتِ!

الأسئلةُ الّتي تُـحيّرني الآن هي: لماذا يسكتُ 'الحقوقيّون' المتبجّحون بمعارضةِ حكم الإعدام عن هذه المجزرة العسكريّة 'الشّرعيّة' الجديدة؟ هل يكفي اعتبارُ الضّحايا (المتّهَمين) أعضاءً في تنظيم الإخوان المسلمين حتّى يُبارَك قتلُهم جماعيّا بقرارٍ مِن قضاء حكوميّ لا يمتُّ إلى الاستقلاليّةِ وإلى الشّجاعةِ الأخلاقيّة وإلى عُلويّةِ القانون بصلةٍ؟ ألم يدركْ هؤلاء بعدُ أنّ المصادقةَ الصّريحةَ أو الضّمنيّة على اغتيالِ الخصم هي تشريعٌ لاغتيال النّفس (لقدْ قُتِلتُ يومَ قُتِل الثّورُ الأبيضُ)؟ ماذا لو كان المتَّهَمون، المحكومُ عليهم سياسيّا لا قضائيّا بالتّصفيةِ الجسديّة، مِن اليساريّين أو الحداثيّين أو القوميّين أو الشّيوعيّين...؟ ألن تكفّ 'النّخبةُ' العربيّة المثقّفة عن منهجِ النّفاق وعن سياسةِ الكيل بمكياليْن؟ ما الّذي يميّزها في هذه الحالِ عن حكّامنا المتعلّقين بالعروش الواهنة تعلّقَ الغريق بقشّة؟..

(ملاحظة: سيقول 'الثّقفوتُ'، سرّا أو جهرا، أنّي صرتُ 'إخوانيّةَ الهوى'. فهؤلاء أعجزُ مِن أنْ يفهموا نشأةَ الاستبداد وتعمْلقَه وأجبنُ مِن أن يتصدّوْا لمحارقه الاستئصاليّة المدمّرة).

فوزيّة الشّطّي

تونس: 2021.6.27


صورة مِن النّات

 https://www.alaraby.co.uk/%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D9%8A%D8%A9

 

2021-06-22

أربعينيّةُ جون فونتان، 2021.6.18، تونس.

أربعينيّةُ جون فونتان Jean Fontaine

اِحتضنتْ دارُ الكتب الوطنيّة التّونسيّة مساءَ الجمعة (2021.6.18) أربعينيّةَ الفقيد المستشرق الفرنسيّ-التّونسيّ "جون فونتان" (هو تونسيُّ الإقامة والبحثِ العلميّ والانتماء الإنسانيّ رغم عدم تمكينِه مِن الجنسيّة التّونسيّة لأسبابٍ سياسيّة). عاش الفقيدُ بين: [1936.12.02-2021.5.02]. أيْ تُوفّي في سنِّ الخامسة والثّمانين.

اِفتتح العازفُ التّونسيّ "محمّد عليّ الفقيه" هذا اللّقاءَ بمعزوفة على آلة الكلارينات الّتي كان الفقيدُ يحبّها. شاركَ في تأثيث الأربعينيّة مديرةُ دار الكتب الوطنيّة "رجاء بن سلامة" ورئيسُ ديوان وزير الثّقافة "يوسف بن إبراهيم" ورئيسُ أساقفة تونس المونسنيور "إيلاريو أنطونيازي" Ilario Antoniazzi ورئيسُ جامعة منّوبة سابقا "شكري مبخوت" وبعضُ أصدقاء الفقيد، منهم: "محمّد جبّاسي" و"زينب الشّارني".

كان الرّاحلُ "جون فونتان" قد أقسمَ عامَ 1962 أن يكونَ كاهنا وفيّا لله ولتونس. وقد وفى بقَسمه المزدوَج. درّس في البداية مادّةَ الرّياضيّات في معهد "المنزه". تحصّلَ على الإجازةِ في اللّغة والآداب العربيّة مِن كلّيّة الآداب التّونسيّة "9 أفريل" عامَ 1968. وحازَ شهادةَ دكتوراه الدّولة مِن جامعة "إكس إن بروفانس" Aix-en-Provence  الفرنسيّة عامَ 1977. كانتْ بعنوان "الموتُ والانبعاثُ: قراءةٌ في أدبِ توفيق الحكيم"  Mort-résurrection: une lecture de Tawfiq Al-Hakim. ألّف حواليْ عشرين كتابا طيلةَ إقامته في تونس الّتي تجاوزت العقودَ الأربعة. كان أشهرُها ثلاثيّةً باللّغةِ الفرنسيّة عن تاريخ التّأليف في تونس وقف بها عند عامِ 1998. بفضل هذا البحث يُعدّ جون فونتان مؤرّخا للأدب التّونسيّ لكونه أوّلَ مَن اجتهد في إنجاز تاريخ شامل له يضمّ أيضا تونسَ ما قبل الفتح الإسلاميّ.

عُرفَ عنه أنّه كان، طالبا وباحثا، صديقَ اليساريّين حتّى عندما ناصبتْهم السّلطةُ العداءَ. ساند الرّاحلُ ضحايا "السّيدا" (مرض فقدان المناعة المكتسَب) طيلةَ خمسةَ عشرَ عاما. واهتمَّ بسجناءِ جنوب الصّحراء في السّجون التّونسيّة حواليْ عشرِ سنوات. فحرص على زيارتهم وعلى العملِ همزةِ وصلٍ بينهم وبين عائلاتهم الّتي لا تعلمُ شيئا عن مصيرهم. كان أيضا سندا لحقوقِ النّساء وقارئا جيّدا لعديدِ الكاتبات التّونسيّات. وليس غريبا على قدّيسٍ متفلسف مثله أن ينتصرَ لحقوق الحيوان ويؤلّف كتابَ "جُرْحُ الحِمَارLa blessure de l’âne الّذي فضح فيه إحدى أبشعِ طرائق "ترويض" هذا الحيوان الأليف الخدوم الصّبور في بعضِ مناطق الشّمال الغربيّ التّونسيّ. وهي أن يُحدث المالكُ جرحا غائرا في كتفِ الحمار يصير مع الزّمن قُرحا داميا مُعذِّبا، يُسمّى "الدّبْرة". كلّما تلكّأ الحمارُ، تعبا أو سهوا أو عجزا، وخزه صاحبُه بضربةٍ مُوجعة في الجرح النّازف. فيهبّ المسكينُ هبّا مِن هولِ الوجع. لقد وثّق "جون فونتان" هذا الإجرامَ البشريّ بالكلمة والصّورة، عسى أن يكونَ صوتَ مَن لا صوتَ له.

كنتُ حظيتُ بشرف محاورةِ القسّ الرّاحل في مقرّ إقامته بالكنيسةِ الإكليريكيّة الصّغرى في "سيدي الظّريف" بعد تقاعده مِن إدارة مكتبة الآباء البيض "إبلا". ونُشرت المحاورةُ في جريدة "عُرابيا" التّونسيّة بتاريخ 2012.4.15.

فوزيّة الشّطّي

تونس: 2021.6.21







المحاورةُ المنشورة في جريدة عُرابيا. 


2021-06-11

مقال: كورونا وخطّةُ الأسرِ الجماعيّ

² كورونا وخطّةُ الأسرِ الجماعيّ ²

أعلن أمسِ (2021.6.10) أحدُ أعضاء "الذّراع المحلّيّة لمنظّمة الصّحّة الإرهابيّة" أنّ الصّيفَ لن يكون فرصةً ليستعيدَ التّونسيّون أنفاسَهم ويستأنفوا حياتَهم الاجتماعيّةَ الطّبيعيّة. إنّما تَقرّر، بقدرةِ قادر، أن تهجمَ علينا السّلالةُ الكورونيّة الرّابعة في شهرِ أوت تحديدا. هكذا تمّ الاتّفاقُ بين السّجّانِ وبين الفيروس المزعوم الّذي فيه مِن خصالِ النّبلِ والشّهامةِ والشّفافيّةِ ما يجعلُه يحذّرُ ضحاياه مِن هجماتِه مبكِّرا كي يستعدُّوا لِـمواجهته خيرَ استعداد. لذا توقّعوا: تجديدَ حظرِ الجولان والحجرِ اللاّصحّيّ وإلغاءَ المهرجاناتِ واللّقاءاتِ والمعارضِ الثّقافيّة ومنعَ الاحتفالاتِ الخاصّة والعامّة... أيْ حضّروا أنفسَكمْ لفصلٍ جديد مِن مسلسلِ الأسرِ الجماعيّ بذريعةِ حمايتكم، وأنتم القُصّرُ السُّذّجُ الـهَمَجُ، مِن العدوى الكورونيّةِ الّتي تسيحُ في الأرضِ وتحومُ في الفضاءِ وتجدّفُ في الماءِ لِتتربّصَ بكلِّ مَن تسوّلُ له نفسُه الأمّارةُ بالشّكِّ أن يزيحَ الكِمامةَ-القُمامةَ عن وجهِه الشّاحبِ المختنقِ أو يتمشَّى في الشّوارعِ الخاليةِ الـمَيْتةِ أو يتواصلَ إنسانيّا مع الأحبّاءِ والأصدقاء والجيرانِ.

إنّ الرّسالةَ الكوفيديّة واضحةٌ معلَنةٌ: «يا ابنَ آدم وحوّاء، لا تكنْ عدوَّ نفسِك. نحن أدرَى بمصلحتِك مِنك. إنْ أردتَ أن تبقَى "حيّا"، اِحذرْ خطرَ الاتّصالِ بأيٍّ كانَ. فكلُّ إنسانٍ مُعْدٍ. اِنعزلْ، قاطعْ أبناءَ جلدتِك، اِلزمْ صمتَ القبورِ، لا تعملْ، لا تدرسْ، لا تحتفلْ... والأهمُّ أنْ تغرزَ في شرايينِك السّمَّ الزّعافَ الّذي صنّعناه مِن أجلِك في مخابرِنا الجرثوميّةِ الاحترافيّة. وقتَها قد نُفرجُ عنكَ. لكنْ... إلى حينٍ».

سيتواصل الأسرُ الجماعيّ العِقابيّ إلى أن يقعَ أحدُ أمريْن لا ثالثَ لهما: إمّا إجبارُ الحشودِ الآدميّة في أغلبِ أصقاعِ كوكبِنا الأزرقِ المنكوبِ على تلقّي التّلاقيحِ الكورونيّة السّامّة (مهامُّها الرّئيسةُ: الإبادةُ الجماعيّة غيرُ الـمُكْلِفة + تعديلُ الخصائصِ الجينيّة الآدميّة + استهدافُ الدّماغِ الّذي هو العضوُ الأقوى مناعةً وصمودًا لدى البشر). وإمّا ثورةٌ شعبيّةٌ عالميّة تدكُّ أركانَ الحكوماتِ المافيوزيّة السّائرة في فلكِ النّخبةِ الماسونيّةِ الشّيطانيّةِ (هي 'حكومةُ العالمِ الخفيّةُ' الّتي يُرجَّحُ أنّ فرعا فعّالا مِنها يُقيم في جزيرةِ 'مالطا' بالبحرِ الأبيضِ المتوسّط. إليها ينتمي التّنظيمُ الإرهابيُّ العابرُ للقارّاتِ 'فرسانُ مالطا' الّذي أدارَ عمليّاتِ قنصِ الـمُحتجّين السّلميّينَ خلالَ ما يُسمَّى 'الرّبيع العربيّ' إيهامًا بأنّ الأنظمةَ الحاكمةَ وقتَها هي القاتلةُ وحرصًا على تأجيجِ الأوضاع والوصولِ بها إلى نقطةِ اللاّعودة. وهذا ما نجحَ في تحقيقِه).

² فوزيّة الشّطّي ²

تونس: 2021.6.11

 

صورةٌ محمَّلة مِن النّات

صورةٌ محمَّلة مِن النّات

صورةٌ محمَّلة مِن النّات



2021-06-07

شعر: هي.. الذّكرَى


v¤ هِيَ الذِّكْرَى ¤v

(تفعيلةُ الكامل: مُفَاعَلَتُنْ)

[نُشرتْ في مجلّة 'الكلمةُ العدد: 170، يونيو/جوان 2021]

http://www.alkalimah.net/Articles/Read/21964

v الإهداء: إِلَـيَّ.

- 1 -

تَدُكُّ مَتِينَ أَبْوَابِـي، إِذَا هَجَمَتْ.

تُـحَاصِرُنِـي، تُـخَاتِلُنِـي، وَتَصْرَعُنِـي.

تُشَتِّتُ فَيْضَ أَخْيِلَتِـي، فَتَنْقَبِضُ، وَتَـحْتَجِبُ.

تُرِينِـي النَّجْمَ فِي الْقَيْظِ، فَتُعْشِينِـي.

وَإِنْ هَاجَتْ كَإِعْصَارٍ، تُرَاوِدُنِـي.

تَقُصُّ جَنَاحَ أَحْلاَمِي، تُنَتِّفُ رِيشَهُ الْوَانِـي[1].

تُعَرِّي الطِّفْلَةَ الْكَلْمَى، فَتَرْتَعِبُ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتُرْعِبُنِـي.

- 2 -

إِذَا زَحَفَتْ، قِلاَعِي تَرْتَـخِي جُبْنًا.

مَغُولٌ يَـحْرِقُ الْأَرْضَ، يُقَلِّعُ عَمْرَ[2] أَشْجَارِي.

إِذَا انْبَجَسَتْ، تُهَشِّمُ صَلْبَ أَسْوَارِي.

جُيُوشِي تَنْثَنِـي عَمَهًا[3]، وَتَـخْذُلُنِـي.

وَرُعْبًا تَـخْبُو أَسْلِحَتِـي.

وَفِي يَـمِّ الْوَغَى تَذْوِي، وَتَنْتَحِبُ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَـهْزِمُنِـي.

- 3 -

وَإِنْ فَارَتْ، تَفُتُّ حَدِيدَ أَشْرِعَتِـي.

تُـجَرِّي مَارِدَ الأَرْيَاحِ وَالنَّجْوَى

بِـمَا لاَ تَشْتَهِي سُفُنِـي.

عَلَى بَوَّابَةِ الْـمِينَا[4] يَتِيهُ الدَّمْعُ وَالْبَسْمَهْ،

تَتِيهُ بَنَاتُ أَفْكَارِي بِـحَرِّ الْـخَنْقِ وَالزَّحْـمَهْ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتُغْرِقُنِـي.

- 4 -

إِذَا مَا ضَجَّةُ الْكَوْنِ اسْتَكَانَتْ فِي مَـخَادِعِهَا،

تَـجَلَّى خَازِنُ الْأَسْرَارِ مَـخْمُورًا وَمَوْتُورًا وَمُنْتَقِمًا.

كَعِفْرِيتِ الْـمَصَابِيحِ الَّتِي اهْتَرَأَتْ،

يُـمَشِّطُ شَعْرَ أَوْهَامِي.

يُـجَدِّلُ مِنْهُ أَحْبَالاً تُكَتِّفُنِـي،

تُكَتِّفُ ظِلَّ آمَالٍ قَدِ انْتُهِكَتْ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَـخْنُقُنِـي.

- 5 -

وَأَلْقَانِـي، بِلاَ حَوْلٍ، أَجُرُّ ذُيُولَ خَيْبَاتِـي.

فَأُحْصِيهَا، أُرَتِّبُهَا، أُوَاسِيهَا.

أُجَـمِّلُ شَرَّ مَا فِيهَا، وَأَكْتَئِبُ.

جِبَالُ الْـهَمِّ أَبْنِيهَا، عَلَى مَهَلٍ أُعَلِّيهَا، وَأَرْعَاهَا.

هُنَا الْـجُرْحُ الثَّخِينُ يَدِي[5] ضَحُوكَ الثَّغْرِ مُنْشَرِحًا.

هُنَاكَ النَّزْفُ يَنْدَفِقُ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَنْزِفُنِـي[6].

- 6 -

هِيَ الْـمَاضِي بِـحُرْقَتِهِ، بِسَكْرَتِهِ، بِأَحْـمَالِ الْـحَمَاقَاتِ.

هِيَ الآنَ الَّذِي انْطَفَأَتْ مَشَاعِلُهُ وَصَوْلاَتُهْ.

تَسُدُّ مَنَافِذَ الْآتِـي، تُقَفِّلُهَا، وَتُشْقِينِـي.

وَتُلْقِي فِي عُبَابِ الْبَحْرِ مِفْتَاحَ النِّهَايَاتِ.

وَتَضْحَكُ مِلْءَ شِدْقَيْهَا هُزُوءًا مِنْ خَسَارَاتِـي.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتُلْغِينِـي.

- 7 -

هِيَ الذِّكْرَى.. تُـخَاتِلُنِـي، تُعَذِّبُنِـي.

تَدُسُّ السُّمَّ فِي الْعَسَلِ.

وَتُلْقِمُنِـي بِأَيْدِي الْغَدْرِ وَالْـخَبَلِ.

إِذَا هَبَّتْ كَطُوفَانِ الْبِدَايَاتِ،

دُفُوفُ الْقَلْبِ تَنْتَفِضُ، وَتَلْتَهِبُ.

تُسِيلُ الْوَرْدَ مِنْ رُوحِي كَسَفَّاحِ الْـخُرَافَاتِ

لِتَسْقِيَ زَرْعَ غَضْبَاتِـي وَأَحْزَانِـي

وَتَسْقِينِـي الرَّدَى عَبًّا بِلاَ وَجَلِ.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتُعْدِمُنِـي.

- 8 -

تَقُضُّ مَضَاجِعَ الْيُتْمِ،

تُدَغْدِغُهُ، تُـطَيِّرُ نَوْمَهُ الْـحَانِـي.

وَأَلْفَاهُ عَلَى قَلَقٍ يُقَلِّبُ صُفْرَ أَوْرَاقِي،

يَهِيمُ سُدًى، يُنَاجِينِـي، وَيَغْتَرِبُ.

هِيَ الْـمَقْتُولُ وَالْـجَانِـي.

تُبِيدُ النَّسْيَ وَالسَّلْوَى، وَتُشْقِينِـي.

وَتَنْدَسُّ كَمَا الشَّبَحُ فَحِيحًا فِي شَرَايِينِـي.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتُلْغِينِـي.

- 9 -

لِتَجْلِدَنِـي، تَرُشُّ الشَّوْكَ فِي دَرْبِـي.

وَشَوْكُ الْقَلْبِ يَـمْتَدُّ وَيَشْتَدُّ وَيَنْتَصِبُ.

وَإِبْلِـي تَـجْمَحُ أَلَـمًا. وَتَعْصَانِـي مَـجَادِيفِي.

إِلَى بَوَّابَةِ الْعَدَمِ الَّتِي انْفَرَجَتْ

تُسَاقُ حُشُودُ أَقْسَامِي[7]، وَتُنْتَهَبُ.

عُقُوقُ الْقَلْبِ مَأْسَاتِـي وَمَأْثَرَتِـي وَمَلْهَاتِـي.

جُنُونُ الْقَلْبِ جِينَاتِـي.

هِيَ الذِّكْرَى.. تُشَظِّينِـي[8].

- 10 -

تُقِيمُ جُـمُوعَ مَوْتَايَ وَقَتْلاَيَ لِتُقْعِدَهُمْ عَلَى كَبِدِي.

وَفِي الْكَبِدِ يُقِيمُ الْـجَمْرُ مَأْدُبَةً، وَيَتَّقِدُ.

وَتَقْتُلُنِـي لِتُـحْيِيَنِـي، وَتُـحْيِينِـي لِتَقْتُلَنِـي.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَـحْرِقُنِـي.

- 11 -

نِدَاءُ الْـحَشْرِ تُعْلِنُهُ عَلَى عَجَلِ،

وَتَنْفُخُ صُورَ مِيقَاتِـي.

تُعَلِّي الصَّوْتَ، تَصْطَخِبُ

لِتَنْهَشَ لَـحْمَ أَحْلاَمِي، جِـمَارَ الرُّوحِ، سَاعَاتِـي.

أَنَا القُدَّاسُ وَالْقُرْبَانُ وَالسَّادِنْ.

هِيَ السِّكِّينُ يَسْتَسْقِي وَيَـحْتَطِبُ.

تَسُنُّ الْـحَدَّ، تَشْحَذُهُ. وَتَنْذُرُنِـي[9].

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَذْبَـحُنِـي.

هِيَ الذِّكْرَى.. وَتَذْبَـحُنِـي.

v¤v

1 الوَانِي: اِسمُ فاعل مِن (وَنَى، يَنِـي، وَنْيًا)، فَهْوَ وَانٍ: فَتَرَ وَضَعُفَ وَكَلَّ وَأَعْيَا.

2 العَمْرُ: صفةٌ مشبّهة مِن (عَمَرَ، يَعْمُرُ، عَمْرًا): الشَّجَرُ الطِّوَالُ.

3 العَمَهُ : مصدرٌ مِن (عَمَهَ، يَعْمَهُ): التَّحَيُّرُ فِي الأَمْرِ، التَّرَدُّدُ فِي الضَّلاَلِ.

4 الـمِينَا: اسمُ مكانٍ مِن (وَنَى، يَنِـي، وَنْيًا): الـمِينَاءُ أيْ مَرْفَأُ السُّفُنِ.

5 وَدَى، يَدِي، وَدْيًا الشَّيْءُ: سَالَ.

6 نَزَفَ، يَنْزِفُ، نَزْفًا فُلاَنٌ الشَّيْءَ: أَفْنَاهُ وَأَنْفَدَهُ.

7 الأَقْسَامُ: جمعٌ مفردُه القِسْمُ: الـحَظُّ أو النَّصِيبُ مِنَ الـخَيْرِ وَالفَضْلِ وَالرِّزْقِ.

8 شَظَّى، يُشَظِّي، تَشْظِيَةً الشَّيْءَ: شَقَّقَهُ فِلَقًا أيْ فَرَّقَهُ قِطَعًا مُـجَزَّأَةً.

9 نَذَرَ، يَنْذُرُ، نَذْرًا وَنُذُورًا الشَّيْءَ أوِ الشَّخْصَ: جَعَلَهُ نَذِيرَةً، وَهْيَ مَا يَلْتَزِمُ الـمَرْءُ بِتَقْدِيـمِهِ إِلَى اللهِ (أوِ الآلِـهَةِ فِي العَقائِدِ الوَثَنِيَّةِ) تَقَرُّبًا إِلَيْهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عِبَادَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ قُرْبَانٍ.

فوزيّة الشّطّي

 تونس: 2021.5.08


قصرُ الّجم (المسرح الرّومانيّ)، عدسة: فوزيّة الشّطّي