إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2022-09-04

سلطةُ الانقلاب تلتهمُ النّقابات

± سلطةُ الانقلاب تلتهمُ النّقابات ±

كيف تخطّط سلطةُ الانقلاب إلى الهيمنةِ على المؤسّسة الأمنيّة وتركيعِها لخدمة أجندتها (الفاشيّة الفوضويّة الطّائفيّة)؟

1-  دعا وزيرُ الدّاخليّة النّقابات الأمنيّة إلى توحيدها في نقابة موحّدة حتّى يسهل على السّلطة ابتلاعُها عبر تنصيب الموالين عليها أو عبر تصفيتها بشتّى السّبل المتاحة. لكن فشلت الخطّة لـمّا رفضت النّقاباتُ باستثناء واحدة، الوقوعَ في هذا الفخّ المكشوف.

2-  أوقفتْ وزارةُ الدّاخليّة إجراءَ الاقتطاع مِن مرتّبات الأمنيّين لخلاص معلوم الانخراط في النّقابات. ولتعليلِ هذا التّصرّف العجيب وغير المسبوق، على حدِّ علمي، ادّعتْ أنّ إجراءَ الاقتطاع "غير قانونيّ"، والحالُ أنّ جميع الموظّفين المنضَوِوين تحت راية نقابة ما يدفعون معلومَ الانخراط بآليّة الاقتطاع مِن المرتّب. فكيف يكون ما هو قانونيٌّ لجميع القطاعات "غيرَ قانونيّ" للقطاع الأمنيّ؟ ثمّ أليست الحكومةُ مَن تقتطع، خارج الأطر القانونيّة، 1% مِن أجورنا بعنوان "المساهمة الاجتماعيّة التّضامنيّة" دون أن يعلمَ أحدٌ العائدات الماليّةَ الحقيقيّة لهذه المساهمة الإجباريّة؟

3-  عملتْ حكومةُ الانقلاب على تشويهِ النّقابات الأمنيّة وعلى تحريضِ الأمنيّين على بعضهم بعضا تنفيذا لسياسة "التّآكلِ الدّاخليّ". وجاءتْ "أحداثُ صفاقس" الّتي اندلعتْ يومَ الخميس (2022.9.01) والّتي تبادل فيها الأمنيّون العنفَ الشّديد باستعمالِ الغاز المسيل للدّموع والغاز المشلّ للحركة والضّرب المبرّح وأدّتْ إلى وقوعِ بعض الجرحى وإيقافِ بعض الأمنيّين المعتصمين رفضا لمشروع "توحيدِ النّقابات الأمنيّة"، دليلاً ميدانيّا على مُضيّ السّلطة قُدما وبأيِّ تكلفةٍ كانت، في مشروعِ "التّوحيد" (التصّفية). ثمّ يخرج بيانُ وزارة الدّاخليّة ليحمّل مسؤوليّةَ ما حدث للنّقابيّين دون سواهم. كأنّما العنفُ قد صدر عن الأمنيّين المعتصمين سلميّا بينما التزم الأمنيّون المكلَّفون بفضّ الاعتصام بضبط النّفس وبتلقّي الضّربات على الخدّ الأيمن ثمّ الأيسر.

ما الغايةُ مِن سردِ الأحداث هذا؟

-    مَن يمتلك ذرّةَ عقل وبصيرة سيدرك أنّ ما تتعرّض له النّقاباتُ الأمنيّة، مهما كان احترازُنا عليها وأيّا تكنْ مساوئها، هو فاتحةٌ لابتلاعِ النّقابات في باقي القطاعات المهنيّة جميعها وللقضاءِ على الحقّ النّقابيّ تدريجيّا: إمّا التّرويضُ، وإمّا الحلُّ كما حُلّ البرلمانُ والدّستورُ والهيئةُ العليا المستقلّة للانتخابات والمجلسُ الأعلى للقضاء... بجرّةِ قلم.

-    ما يحدث جهرا للنّقاباتِ الأمنيّة، يقع سرّا ومواربة للأحزابِ السّياسيّة الّتي همّشها دستورُ الانقلاب إلى أقصى حدّ وسيلغيها القانونُ الانتخابيّ المنتظَر إلغاءً "قانونيّا" باتّا (نظام الاقتراع على الأفراد لا على القائمات الحزبيّة).

-    لأنّي لم أنْتمِ يوما إلى الحشود الّتي تعوّدتْ أن تندبَ حظّها بعد فوات الأوان هاتفة "أُكلتُ يومَ أُكل الثّورُ الأبيض"، أُعلن أنّي أساند الحقَّ النّقابيّ للأمنيّين والحقَّ في التّعدّديّة النّقابيّة لهم ولغيرهم وحقَّ النّقابات في التّمويل المشروع عن طريق اقتطاع معلوم الانخراط مِن أجور منظوريها.

± فوزيّة الشّطّي، تونس: 2022.9.03 ±


صورة مِن النّات