إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2022-04-19

قواعدُ ضبطِ المصادرِ والمراجع

 ❤ اِنتقيتُ هذه القواعدَ من النّات. ثمّ وظّبتُها في صفحة واحدة سهلة التّحميل  

❤ فالشّكرُ كلُّه لمَن اجتهد ونشرها لطالبي البحث العلميّ 

2022-04-05

مقال: أوكرانيا والنّازيّون الجدد، مجلّة (الكلمة)، أفريل 2022.

v أوكرانيا والنّازيّون الجدد v

نُشر في مجلّة الكلمة: العدد 180، أفريل 2022

http://www.alkalimah.net/Articles/Read?id=908&dossier=true

بعد أن فاز "فولوديمير زيلينسكي"، الممثّل الكوميديّ الشّعبويّ [1] برئاسة أوكرانيا، ألغى 11 حزبا، وأغلق 4 قنوات تلفزيّة تمتلكها المعارضةُ، ووضع الكثيرَ مِن منافسيه قيد الإقامة الجبريّة دون محاكمة... والأخطرُ مِن ذلك أنّه أطلق العنانَ لأعضاء التّنظيم العالميّ "آزوفAzov  الّذين يُسمُّون أنفسَهم، تضليلا ومراوغة، "القوميّين" المحسوبين على اليمين المتطرّف. والحقيقةُ أنّهم كتيبةُ "النّازيّين الجدد" المتألّفةُ مِن الأوكرانيّين ومِن الأجانب الآتين مِن بريطانيا وألمانيا وجورجيا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتّحدة الأمريكيّة وغيرها. والكتيبةُ ميليشياتٌ فاشيّة عصريّةُ التّسليح جيّدةُ التّدريب مستقلّةُ القرار والحركة. وهي تعمل بطريقة حرب العصابات وتفضّل الهجومَ على الدّفاع.

نشأتْ هذه العصاباتُ بعدّة دول غربيّة في أيّار/ ماي 2014. وحلّتْ في العام نفسِه بأوكرانيا لتوظيفِها في محاربةِ الأقاليم الانفصاليّة "دونباس" Donbass حربا لا هوادةَ فيها ولا قانونَ ولا أخلاق يستمرّ فيها قصفُ المدنيّين منذ ثماني سنوات دون أن يتألّم "الضّميرُ" الغربيّ الحسّاس أو ينبسَ إعلامُ "الدّيمقراطيّات العريقة" ببنتِ شفة. ومع "زيلينسكي" الّذي بدأ عهدُه الفوضويّ التّخريبيّ في نيسانأفريل 2019، اتّسع نطاقُ عمل "آزوف". وحظيتْ بالضّوء الأخضر لتمارسَ إرهابها وتعملَ خارج أيّ رقابةٍ حكوميّة أو دوليّة. تُدير هذه الميليشياتُ سجونا خاصّة بها تحاكِم فيها المعتقَلين على هواها وتمارس بها شتّى أنواع التّعذيب بما في ذلك الاغتصابُ والعقاب الجماعيّ. خلال هذه الحرب الرّوسيّةالأوكرانيّة، اتّهمها المدنيّون الهاربون مِن مناطق النّزاع المسلّح في مدينة "ماريوبول" Marioupol بأنّها حاولتْ إجبارَهم على البقاءِ ومنعتْهم مِن المغادرةِ بالتّهديد والاحتجاز القسريّ ونسفِ الجسور وقطعِ الطّرق والقنص العشوائيّ سعيا إلى استعمالهم "دروعا بشريّة" تعطّل الغزوَ الرّوسيّ الّذي يتقدّم بثبات وعناد وتخطيط محكَم.

يتبنّى النّازيّون الجدد فكرةَ تفوّق العرق الأبيض، ويجاهرون بمعاداةِ العرب والسّود والآسيويّين واليهود. بل يطالبون بإبادتهم أو بتهجيرهم مِن أوروبا على الأقلّ. إذنْ، لماذا يدعم مستوطِنو الكيان الصّهيونيّ أوكرانيا ضدّ روسيا، ويصلّون عند حائط البراق (يُسمّونه زورا وبهتانا حائطَ المبكى) مِن أجل ضحايا الحرب الأوكرانيّين، ويتنادوْن بأنّ "القدسَ السّماويّة في أوكرانيا"؟ الجوابُ الأرجح هو: لأنّ الحربَ الرّوسيّةالأوكرانيّة تصبّ في مصلحتهم. إذ مِن المتوقَّع أن تُرحِّل إليهم آلافَ اليهود الأوكرانيّين الهاربين مِن جحيم صراعٍ مفتعَل لا ناقةَ لهم فيه ولا جمل. والصّهاينةُ أحوجُ ما يكون إلى زادٍ بشريّ يواجهون به التّزايدَ الدّيموغرافيّ الفلسطينيّ الّذي يرعبهم ويعطّل تمدَّدهم في الأرض. لذا سيُصَبّ الزّيتُ على نار هذه الحرب حتّى تتّقدَ أكثر وتصيرَ محرقةً تُجبر "يهودَ الخزر" على الهرب مِن شرّها بلا تردّد أو التفات إلى الوراء ليلتحقوا بـ "الوطن الآمن" الّذي أعدّه أشقّاؤُهم المهاجرون السّابقون.

إنّ التّاريخَ يعيد نفسَه وسْط نفسِ التّواطؤ السّياسيّ والتّضليل الإعلاميّ والخداع المسرحيّ. فهكذا كان الحالُ في الحرب العالميّة الثّانية عندما نسّق الزّعيمُ الألمانيّ النّازيّ "أدولف هتلر" مع زعماءِ المنظّمة الصّهيونيّة للتّنكيل باليهود، خاصّة منهم الاندماجيّين، في حملاتٍ ترهيبيّة منظَّمة. كان الاتّفاقُ يخدم الطّرفيْن: الصّهاينةُ يريدون تهجيرَ يهود ألمانيا نحو "أرض الميعاد" المصنَّعة مِن الأساطير التّلموديّة. و"هتلر" يريد التّخفيفَ مِن بعضِ الفائض البشريّ المرهق والتّخلّصَ مِن المرابين اليهود الّذين يمسكون بمخانقِ الاقتصاد الألمانيّ ويعطّلون نموَّه. بعد هزيمةِ دول المحور انقلب الصّهاينةُ على الحليفِ القديم، كما تعوّدوا أن ينقلبوا دائما على جميع حلفائهم، محمِّلين إيّاه مسؤوليّةَ "غرف الغاز" الّتي لم توجَد إطلاقا ومبتزّين الألمانَ بعُقدة ذنبٍ لم يرتكبوه. وها هو "زيلينسكي"، اليهوديُّ الأبوين الصّهيونيُّ العقيدة، يجدّد العهدَ للكيان المحتلّ مقدِّما أوكرانيا قربانا لأحفاد "إمبراطوريّة الخزر[2] الآفلة وساحةَ صراعٍ بين الدّبِّ الرّوسيّ المتعملق وبين الغربِ الأمريكيّالأوروبيّ الّذي لا يتحمّل وجودَ مَن ينافسه على مطلَق النّفوذ في السّاحة الدّوليّة المستباحة.

v فوزيّة الشّطّي v تونس: 2022.3.27 v

 



[1]  أهمُّ الأعمال التّمثيليّة الّتي أدّاها "فولوديمير زيلينسكي" كان تجسيدُه لدور مدرّس تاريخ في مسلسل "خادمُ الشّعب" الّذي موّله رجلُ أعمال أوكرانيّ والّذي عُرِض موسمُه الأوّل في نوفمبر/تشرين الثّاني 2015 وموسمُه الثّاني في أكتوبر/تشرين الأوّل 2017 وموسمُه الثّالث في مارس/آذار 2019. في المسلسل انتقدتْ شخصيّةُ "المدرّس" الفسادَ المستشريَ وتراجعَ مستوى المعيشة والنّخبةَ السّياسيّة الحاكمة في أوكرانيا انتقادا صريحا عنيفا ألهب حماسةَ المشاهدين حتّى خلطُوا بين شخصِ الممثّل (زيلينسكي) وبين الشّخصيّةِ الكوميديّة (أستاذ التّاريخ) خلطا عفويّا ساذجا شحذتْه بعضُ الوسائل الإعلاميّة المساندة. لم يقدّمْ زيلينسكي الأمّيُّ في المجال السّياسيّ أيَّ برنامج انتخابيّ. إنّما عوّل على الشّعارات الفضفاضة والخطابات الغامضة الّتي تُعفيه مِن الصّراع المباشر مع المنافسين والخصوم. ولم يحتجْ في حملته الانتخابيّة إلى الدّعايةِ التّقليديّة أو الاجتماعاتِ العامّة أو المقابلاتِ الصّحفيّة. إنّما اكتفى بمواقعِ التّواصل الاجتماعيّ وبالمسلسلِ الفكاهيّ الّذي سحرَ النّاخبين وحضّرهم نفسيّا لتقبّلِ التحام "الشّخص" الواقعيّ مع "الشّخصيّة" الخياليّة. أثناءَ الانبهار العاطفيّ الجماعيّ بالمسلسل، أسّسَ زيلينسكي حزبا بنفس الاسم (خادمُ الشّعب). ثمّ ترشّحَ به للانتخابات الرّئاسيّة الأوكرانيّة ليفوزَ في الجولة الثّانية منها فوزا ساحقا بنسبة 73،2./. مِن الأصوات خلال نيسان/أفريل 2019. سيبقى صعودُ "فولوديمير زيلنسكي" إلى منصبِ رئيس الدّولة الأوكرانيّة حدثا كارثيّا يكشف تدنّيَ الوعي السّياسيّ لدى أغلبِ الشّعوب ويؤكّد فشلَ "الدّيمقراطيّة الانتخابيّة" في حلّ إشكاليّة الحكم.

[2] في أوكرانيا أُسّستْ "إمبراطوريّةُ الخزر" الّتي دامت مِن ق7م إلى ق11م. وكانت لها نزاعاتٌ كثيرة مع جيرانها خاصّة منهم العبّاسيّين والرّوس. ثمّ قضى عليها القيصرُ في حملةٍ عسكريّة مدمّرة لم تقمْ لها بعدها قائمةٌ. بعد هذه النّكبة، اختفى خزرُ أوكرانيا مِن التّاريخ ومِن الجغرافيا. والمرجّح أنّ أغلبَهم قد تفرّقوا في الأرض قاطبة ليحكموا العالمَ بقوّةِ المال وبسياسةِ الاندساس (ليس صدفة أنّ المحافلَ الماسونيّة الحديثة قد ظهرتْ في ق11م ). والخزرُ قومٌ مِن الأتراك كانوا وثنيّين ثمّ اختار قسمٌ كبير منهم اعتناقَ اليهوديّة لكونها تبيح الرّبا الّذي تحرّمه المسيحيّةُ والإسلامُ معا... على هذا الأساسِ ليس الصّراعُ الأوكرانيّ الرّوسيّ الحاليّ أمنيّا وسياسيّا واقتصاديّا فحسب. إنّما له دوافعُ عَقديّة ونفسيّة عميقةُ الجذور وغيرُ معلَنة: اليهودُ يحقدون على الرّوس لكونهم دمّروا دولتَهم وشرّدوا شملَهم. والرّوسُ الأرثوذكس يحقدون على اليهود لكونهم قتلوا السّيّدَ المسيح، وهي عندهم جريمةٌ متوارَثة يتحمّل وزرَها الأجدادُ كما الأحفادُ على مدى الدّهور.

صورةٌ مِن النّات