إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019-08-01

مقال: مرشَّحُ السّيستام


مرشَّحُ السّيستام
-      الخبرُ مقدّس:
تابعتُ اليومَ جزءا مِن حوار إذاعيّ مع زعيم أحد الأحزاب السّياسيّة. سألت المذيعةُ عن الخصال المطلوبة في رئيس الجمهوريّة القادم. فأجاب الضّيفُ: «نظافة اليد وقوّة الشّخصيّة والالتزام بالقانون باعتبار أنّ الرّئيسَ موظّف في خدمة الدّولة». قاطعتْه المذيعةُ شبهُ الأمّيّة متحمّسة كَمن قبضَ على خناق الحقيقة: «أفهمُ مِن كلامك هذا أنّك تقصد وزيرَ الدّفاع؟». ردّ الضّيفُ بلباقة وهدوء: «لا أستطيع أن أجيبَ الآن بنعم أو لا لأنّ وزيرَ الدّفاع لم يعلنْ بعدُ ترشّحَه رسميّا ولم يقدّمْ برنامَجه السّياسيّ الّذي على أساسه يُقيَّم المترشِّح».
-      التّعليقُ حرّ:
تحليلُ خطاب المذيعة يؤكّد أنّها لم تطرح السّؤالَ الأوّل (عن خصال الرّئيس) إلاّ لكيْ تُوردَ التّعليقَ الجاهز سلفا (أو الّذي كُلّفتْ بتمريره أثناء المحاورة). أمّا التّعليقُ فيتضمّن مغالطة كبرى مفادها أنّه لا يوجد بين المترشّحين للرّئاسيّة ولا في تونس قاطبة مَن يتحلّى بهذا الخصال القياديّة إلاّ وزيرُ الدّفاع. زدْ على ذلك أنّ ردّةَ فعل الضّيف السّلسة قد أوحتْ لي بتواطؤ مكتوم: بدا لي كأنّما 'يعرض تزكيتَه في سوقِ الانتخابات' خاصّة وأنّ حزبَه لم يرشّحْ أحدا للرّئاسيّات ومستعدٌّ لمساندة مَن يراه مناسبا للمنصب. أي إنّ الضّيفَ والمذيعةَ يؤدّيان معا بانسجام كبير مهمّةَ 'التّضليل والتّسويق وسدّ الآفاق أمام النّاخبين'. كأنّما يقولان معا بدهاءٍ مافيوزيّ مروَّج دوليّا: «أيّها المواطنون، لا أملَ لكم إلاّ في انتخاب مرشَّح السّيستام»... بمثل هذه الخدعِ جرت الانتخاباتُ الرّئاسيّة الفرنسيّة الّتي نصّبتْ 'إيمانويل ماكرون' الرّوتشيلديّ على عرش فرنسا المستباحة. فالمسرحيّاتُ الانتخابيّة المفبرَكة أثناء ما يُسمّى 'اللّعبة الانتخابيّة' لا تُحصى ولا تُعدّ. بل هي أقربُ إلى 'القانون العامّ' الّذي لا تشذّ عنه إلاّ قلّةٌ قليلة.
{ملاحظة:
المصابون بعقدة النّقص الحضاريّ تجاه 'السّيّد الغربيّ' سيشكّكون في سلامة مداركي العقليّة. فكيف يحقّ لي، أنا المنتميةَ إلى حضارة القمع والتّخلّف والأمّيّة، أن أتجنّى على 'مهدِ الدّيمقراطيّة النّموذجيّة'؟!
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2019.08.01