قرطاج حنّبعل في: 2015.01.22
☻منْ يَوميّاتِ المافيوزيِّ
البائسِ☻
بمجرّدِ أن التحقَ «دمنةُ» الآدميُّ الصّورةِ بمنصبٍ
إداريّ يمنحه سَكنا مُريحا ومنحة ماليّة إضافيّة ونفوذا مَرَضيّا، سارع بكشفِ
مواهبه المافيوزيّة مُتفوِّقا في ذلك على أقرانِه وأعرافِه جميعا.
كُلِّف "دمنةُ" بمهادنة الأستاذةِ المغضوبِ
عليها المارقةِ عن كلّ تنظيمات «الجريمة التّربويّة المنظَّمة» سعيا إلى كسْبِ
ثقتها. تَـجنّدَ لهذه المهمّةِ المستحيلةِ وكلُّه ثقةٌ عمياءُ صمّاءُ. فشتمَ لها
زملاءَه مرارا، ومثَّل دوْرَ مَن يُسِرُّ لها بجليل الأخْبار والأسرار، وأسْـمعَها
مدائحَ ساذجة مقزِّزة... حتّى صدَّق البائسُ نفسَه!
حلّ اليومُ الموعودُ: يومَ الخميس [2014.12.04] كتبتِ الأستاذةُ تقريرا في التّلميذ [أ.ب] المرسَّم
بقسم [2اِق] متمسِّكةً بحقّها القانونيّ في إحالته على مجلس التّربية. وسلّمتِ
التّقريرَ إلى موظّفةٍ إداريّة يدا بيد بعد أن احتفظتْ بنسخةٍ منه. انعقد
"مجلسُ التّربية" قبل عطلة الشّتاء مباشَرة، ونَظر في جميع التّقارير
عدا تقريرَ الأستاذة «الخارجةِ عن القانون المافيوزيّ».
-
يومَ الإثنين [2015.01.05] سألتْ عن مصيرِ تقريرها. فتبيّن أنّه «اختفَى في ظروفٍ
غامضة جدّا!».
- يومَ الخميس [2015.01.08] هاج قسمُ التّلميذ المشتكَى به [2اِق] هيجانا عنيفا
وصل حدّا غيرَ مسبوق. في منتصَفِ الحصّة المزدوَجة [من: س16 إلى س18] أخرجتْ جميعَ التّلاميذ وأعلمتْهم أنّها مُضرِبة عن
تدريسهم إلى أن تُتّخذَ الإجراءاتُ التّأديبيّة اللاّزمة في شأن المتطاوِلين منهم.
أحاطتِ "الزّعيمَ" علما بما حَدث وبما قرّرتْ فِعْلَه. كان واضِحا أنّ
المافيا الحاكمةَ في المؤسّسة "التّربويّة" تَبعثُ رسالةَ التّهديد الأُولَى: إمّا أن تَسْحبِـي التّقاريرَ وتَرْضَيْ بالمهانة
الّتي نُرِيدُها لكِ، وإمّا أنْ نجعلَ أقْسامَك جَحيما لا يُطاقُ.
- يومَ الجمعة [2015.01.09] عند العاشرة صباحا اِتّصلتِ الأستاذةُ بـــ "الزّعيم"
لتُسلّمه عريضةَ الإضراب عن تدريس قسم [2اِق] مصحوبةً بنسخةِ من التّقرير الأوّل
في التّلميذ [أ.ب] وتقريريْن في زميليْن آخريْن له [ح.ع] و[خ.ه] من نفسِ القسم
طالبةً منه تمكينَها من رقم الإيداع، وهو حقٌّ قانونيّ لأيِّ موظّف لا يُنازعُه
فيه أحدٌ. فماطلها، وسوّفها، ثمّ أعطاها موعدًا في الغد.
- يومَ السّبت [2015.01.10] تبيّن أنّ الموعدَ كاذبٌ كما كان متوقَّعا. عندها
أعلمتِ الأستاذةُ الموظّفةَ المهتمَّةَ بمكتب الضّبط أنّها ستُرسلُ كلَّ الوثائق
بالبريدِ المضمون الوصول. بسُرعةِ البرق تبادلتِ العصابةُ هذه المعلومةَ الثّمِينة.
بينما كانت الأستاذةُ تغادرُ المعهدَ اِلتحق بها "المافيوزيُّ
البائسُ" منادِيا مُهروِلا. فنزلتْ من سيّارتها لتُكلّمَه. اِنخرطَ في
مقدِّمةٍ طويلة سقيمة لغةً ومنهجا ومضمونا قبل أن يُـمرِّرَ رسالةَ التّهديد الثّانيةَ: اِدّعى أنّ المسؤولَ المرموقَ في المندوبيّة الجهويّة
[ض.ب] قد قال متحدِّثا عنها: «هاذِيكا الأستاذة مَا عنْدها حتّى مِصداقيّه، تِشْكي
ولاَّ مَا تِشْكِيشْ عِنْدي كِيفْ كِيفْ» [أيْ: "تلكَ الأستاذةُ فاقِدةٌ
لأيِّ مِصْداقيّةٍ. سِيّانِ عندِي إنِ اشْتَكتْ أوْ لَـمْ تَشْتَكِ"]. يقولُ
"دمنةُ" ترميزًا: لا سندَ قانونـيًّا لك، فحتّى المندوبيّةُ تقِف في
صفّنا.
ضمانا للفائدة نعرِّفُكمْ بما علِمْنا عن "المسؤولِ
المرموقِ" [ض.ب]: هو متَّهمٌ بالتّحرّش الجنسيّ بأستاذتيْن على الأقلّ، نالَ
نقلةَ عقوبة لَـمّا كان مُديرَ مدرسةٍ إعداديّة في منّوبة لسببيْن: الاستيلاءِ على
المال العامّ وتسريبِ فرض تأليفيّ، تَورّطَ في قضيّةٍ أخلاقيّة مع إحدى الطّالبات
خرجَ منها سليما مُعافًى بفضل زوجتِه [الّتي طَلّقَها بعد ذلك]، كُنتُ اشتغلتُ معه
واشتكيتُه لأنّه حرمني مِن «مطبوعةِ النّقلة داخل إقليم تونس» مُحاوِلا منعِي من
حقّي في النّقلة إلى تونس، فأنْصفتني مندوبيّةُ منّوبة، جُـمِّد بعد الثّورة
مؤقّتا، ثمّ نال ترقيةً عظيمة مَكّنتْه من التّنكيلِ بجميع أعداءِ الأمس. والأكيدُ
أنّ "المسؤولَ المرموقَ" هو ولـيُّ نعمةِ هذا "المافيوزيِّ البائسِ"
وصاحبُ الفضلِ عليه في المنصبِ الجديد الـمُريحِ الـمُرْبِحِ.
- يومَ الإثنين [2015.01.12] أرسلتِ الأستاذةُ عريضةَ الإضراب عن تدريس قسم [2اِق] مصحوبةً
بنسخةِ من التّقرير الأوّل في التّلميذ [أ.ب] وتقريريْن في زميليْن آخريْن له
[ح.ع] و[خ.ه] من نفسِ القسم المحرَّض، عن طريق البريدِ المضمونِ الوصول مع الإعلامِ
بالبلوغ، سُجّلت تحت رقم:
[RR 029625250 TN].
- يومَ الخميس [2015.01.15] حلَّ "المافيوزيُّ البائسُ" عند الثّالثةِ
مساءً بالقاعةِ [عدد09] حيث تُؤدِّي الأستاذةُ درسًا في حصّة مزدوَجة لقسم [3اِق]
مُدّعِيا أنّه يريدُ أن يحدّثها في أمْرٍ لا يقبلُ التّأجيلَ: عَرض عليها صفقةً
مُسلِّيةً بمقتضاها تَكفُّ هي عن اللّجوءِ إلى البريدِ المضمون الوصول وتتعهّدُ
الإدارةُ بقَبولِ جميع العقوبات التّأديبيّة الّتي تقترحُها. وقال ناعِتا نفسَه
بالحيادِ التّامّ ضارِبا صدرَه بكفِّه: «نَا ضَامِنْ» [أيْ: "أنا الضّامِنُ
في الْتِزامِ الإدَارةِ بِوعْدِها"]. سألتْ: «إذا كانتِ الإدارةُ صادقةً في
التزامِها هذا فما الّذي يَـمنعُها من إعْطائِي رقمَ الإيداع؟!». وانتهَى الـجدلُ
العقيمُ بإصرارِها: «حلاّن لا ثالثَ لهما: إمّا رقمُ الإيداع وإمّا البريدُ
المضمون الوصول». فاِنْسحبَ خائبا مُتجهِّما. والتحقَ بــ"مقرِّ
القيادة" حيث تلقَّى التّعليماتِ الجديدةَ.
- في
الرّابعة مساءً من نفسِ اليومِ التحقَ "المافيوزيُّ البائسُ" بالأستاذةِ
إلى قاعةِ الأساتذة حيثُ كانتْ تُعيدُ أدوات العمل إلى خزانتِها وتستخرجُ منها
حقيبتَها اليدويّةَ. تَعمَّدتْ أن تُرْخِيَ له الـحبلَ حتّى النّهاية، عساهُ
يَنْفثُ سمومَه دُفعةً واحدةً. فلمْ يُخيّبْ ظنَّها، إذْ وقعَ في فخِّ الانفضاح
الذّاتـيّ، وانخرطَ بِعمَى البصيرة في "تَداعٍ حُرّ": سألَ وهو يُدقِّق
فيها النّظرَ بعينَـيْن كشفتَا من بشاعةِ نفسِه وقذارةِ حسِّه ودناءةِ طبعِه ما
يُـخْرِسُ اللّغاتِ جميعَها: «عِندكْ كَرْهبَه؟!» [أيْ: "أعِنْدَكِ سَيّارةٌ؟!"].
أجابتْ: «نعمْ. لِـمَ تَسألُ؟». قال: «مُجرَّد سؤالٍ». وَضعتْ محفظَتَها على
الطّاولة، فحذّرَها بصوتٍ خفيضٍ كفحيحِ الأفاعي الرّقْطاء: «رُدِّي بَالِكْ علَى
مَـحفَظْتِكْ!» [أيْ: "اُحْرُسِي مِـحْفَظَتَكِ جيِّدا!"]. لَـمْ
تُعلِّقْ. فاسْتأنفَ الـخُطّةَ التّرهيبيّةَ حالِما بأنْ يَراها تَرتعِشُ أمامه
رُعبا: «المسْيُو آشْ يِـخْدِمْ؟!» [أيْ: "ماذا يَشتغِلُ زوْجُكِ؟!"].
أجابتْ دون أن يرِفَّ لها جفنٌ: «أنَا، كَما لاَ شكَّ تَعلمُ، عَزْباءُ إلى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ!». وعندما أغلقتِ الأستاذةُ خزانتَها بالمفتاح، مدَّ "المافيوزيُّ
البائسُ" يدًا عَفِنةً تَرتعِدُ حِقْدا وحنَقا مُتظاهِرا بأنّه يَتثبّتُ من
مدَى مَتانةِ الباب. سألتْ: «مَا الأمرُ؟». رَدَّ وهو يَنْظرُ شَزْرا ويُقطِّبُ
وجهًا مَسْخًا في أداءٍ تَـمثيليّ رديء بل مُقزِّزٍ: «لاَ، لاَ شيءَ!». تَـمادَى في
الـمُجادلة مُحاولا إقناعَها بأنّ "الصُّلْحَ" [= الانخراطَ الذّليلَ في
التّنْظيمِ المافيُوزيّ] خيرٌ لها. ردّتْ: «إنْ كانَ هذا تهديدا فَلتَعلمْ المافيا
الّتي بعثتْكَ إليّ أنّ عريضةً إلى وكيل الجمهوريّة لن تُكلّفنِـي أكثرَ من
ساعتَيْ زَمَنٍ». رَدّدَ مرّاتٍ أنّه جاء «مِن تلْقاءِ نفسِه، ولمْ يَبعثْهُ أحدٌ».
وظلّ مُلتصِقا بخزانتها كالقُرَادِ حتّى غادرتْ تُشيِّعُها عينانِ حمراوان انقرضَ
منهُما الحياءُ وانطفأتْ فيهِما الحياةُ!
غادرتِ الأستاذةُ بعد أن تلقّتْ رسالةَ التّهديد الثّالثةَ: مضمونُها أنتِ مستهدَفةٌ في شخصكِ وفي سيّارتكِ وفي
محفظتكِ وفي خزانتكِ. لنْ يُفلتَ شيءٌ يَـخصُّكِ من انتقامِنا الجماعيِّ الوحشيّ.
-
يومَ السّبتِ [2015.01.17] همّتِ الأستاذةُ بمغادرة المؤسّسة عند العاشرة صباحا.
فاعترضتْها قيّمةٌ تَدعُوها إلى مقابلةِ وليّة التّلميذ [أ.ب] الّذي كانتْ طلبتْ
إحالتَه على مجلس التّربية. وهذا التّصرّفُ هرسلةٌ مهنيّة مقصودةٌ أُريدَ منها
تعريضُ صاحبَةِ التّقرير إلى خطرِ الاعتداء الثّأريّ. لذا يُحجَّر على
الوليّ الّذي كُتِب في ابنه تقريرٌ مّا مقابلةُ الأستاذِ صاحبِ الشّكوى إلى أنْ تُتَّخذَ
في شأنِ التّلميذ العقوبةُ التّأديبيّة المناسبة. ويَـحقُّ للولـيِّ أنْ يَعرفَ
حقيقةَ ما فعلَ ابنُه منَ الإدارة الّتي تملكُ التّقريرَ المفصَّلَ. وقد استغلّ
التّلميذُ المغسولُ الدّماغِ الموقفَ لينهالَ على الأستاذةِ قذْفا وشتْما وتكذيبا
حتّى أبكَى أمَّه المصدومةَ فيه.
هكذا تكون الأستاذةُ
قد تلقّتْ رسالةَ التّهديد
الرّابعةَ: تَتعمّدُ المافيا تسهيلَ هذه المقابلات غيرِ
القانونيّة وغيرِ الآمنة لكونِها طرفا يؤمِّنُ الاعتداءَات اللّفظيّةَ والماديّةَ
على الأستاذة ويتواطأُ مع المعتدِين المحتمَلين تلامِذةً غاضبينَ كانُوا أو أولياءً
مصدومين. فإنْ تَعذّرَ ذلك، حَرّضتْ ضدّها أجانبَ مأجُورين. لن
يحارُ أعضاءُ «الجريمة التّربويّة المنظَّمة» في أمرٍ هيِّنٍ كهذا! ما زال الزّمنُ في صالحهم، وما انفكَّ مَعينُ
المؤامرات خصِيبا مُثْمرا.
- يومَ الإثنين [2015.01.19] كتبتِ الأستاذة في نفسِ التّلميذ [أ.ب] تقريرا ثانيا
متمسّكةً بحقّها في إحالته على مجلس التّربية [قانونا يجب أن يُرفتَ نهائيّا من
المعهد على الأقلّ]. وأرسلتْه، كيْ لا يختفيَ في ظروفٍ غامضة جدّا، بالبريد
المضمون الوصول مع الإعلامِ بالبلوغ، سُجّل تحت رقم:
[RR 000113121 TN].
يومَها اعترضها "المافيوزيُّ البائسُ" في
الـمَمرّ، تجاهلتُه. فحيّاها قائلا وهو يفتعلُ ابتسامةً لا نظيرَ لِقُبْحِها: «مَاهُو
ما صارْ شَيْ بِينَاتْنا، وتَوّا نَرْجعُوا كِيما كُنّا؟!» [أيْ: "لـمْ يَـحدُثْ
شَيءٌ بَيْنَنا، وسَنعودُ الآن كما كُنّا قبْلا. أليسَ كذلك؟!"]. أجابتْ: «سيُطبَّقُ
القانونُ، ولا شيءَ غير القانون». إنّ الـمُغفَّلَ ما زال يُصدِّق أنّه كان
يَـحُوزُ ثِقتَها ولو لبعض الوقتِ!!!
بالتّوازي مع مجهودات "المافيوزيِّ البائسِ"،
صَدرتِ التّعليماتُ لأغلبِ موظّفي "وكْرِ الأفاعِي" حتّى يُعامِلوا
"العدُوّةَ الـمشتَرَكةَ" بأكثرَ ما يُـمكن من العُدوانيّةِ الصّامتة أو
الـهُجوميّةِ الـمُعلَنة:
- يومَ الإثنين [2015.01.19] اِستوقفتْها في الممرّ إحدى الموظّفات الّتي لا تربِطها
بها أيُّ صلةٍ مهنيّة مباشِرة لتقولَ لها أمامَ بعض التّلاميذ بلهجة اللاّئمةِ النّصُوحِ:
«هَاوْ سْـمَعتْ إلّي إنْتِ عاملهْ مُشكلَه! تِـي سيّبْ علِيكْ مِ الـمشاكلْ!» [أيْ:
"ها قدْ سَـمِعتُ أنّكِ افْتعلتِ مُشكلةً! هَيّا، دَعِي عَنكِ الـمَشاكلَ!"].
قبل ذلك بأيّامٍ عدّةٍ كانتِ المافيا قد كلّفتْ بعضَ
الزّملاء الّذين يُقدِّمون أنفسَهم كَـ "مناضِلين شَرِسين ضدّ الفساد"
يُنبّهُون الأستاذةَ الـمُتمرِّدةَ إلى ضرورة «الحذَرِ على نفْسِها وعلى سيّارتِها»
ويَنصحُونها، لوجْهِ اللّه طبعا، بأنْ «تُلْقِيَ الحبلَ على الغَارِب كما يَفعلُ
الجميعُ»: ["سَيِّبْ الماء عَلْ البطِّيخْ كِيمَا النّاسْ إلْكُلْ"].
خلاصةُ القول من سلسلة التّهديدات الّتي تَفضّل "المافيوزيُّ
البائسُ" بإبلاغها مُنجَّمةً:
1-
لا يَحقُّ للأستاذةِ اتّخاذُ أيِّ عقوبة تأديبيّة ضدّ
التّلاميذ بما أنّهمْ مُـحرَّشون يؤدُّون "واجبا مافيوزيّا مُقدَّسا"،
2-
وإنْ تجرّأتْ على معاقبة أحدِهم فلا يَـحِقُّ لها
الـمُطالبةُ برقمِ الإيداع الّذي يُلْزمُ الإدارةَ بآجالٍ قانونيّة محدَّدة،
3-
وإنْ رفضتِ الإدارةُ تَـمكِينَها من رقم الإيداع القانونيّ
فلا يَـحقُّ لها أنْ تُرسلَ العقوباتِ عبر البريد المضمون الوصول حتّى لا تَـملِك
بين يديْها وثيقةً تُدينُ تواطُأَ المافيا وتَفضحُ تآمُرَها الإجْرامِيَّ،
4-
وإنْ أرسلتِ العقوباتِ بالبريد المضمونِ الوصول صار
شخصُها مُهدَّدا بالاغتيال أو بـ "التّشْليط" على الأقلّ، وصارتْ
سيّارتُها مُهدَّدةً بالتّفجير أو بتمزيقِ العجلات في أحسنِ الأحوال، وصارتْ محفظتُها
مُهدَّدةً بالسّرقة سِرًّا أو بالخطف عَلنا، وصارتْ خزانتُنا في قاعة الأساتذة
مُهدَّدةً بالخلع والنّهب!
5- وإنْ
قدّمتْ شِكايةً ضدّ عصابة المافيا بتُهمِ: الابتزازِ والهرسلةِ الـمُمنهَجة والتّغريرِ
بالمتعلِّمين القُصّر والتّطاوُلِ على القوانين التّأديبيّة والاعتداءِ اللّفظيّ على
موظّفٍ أثناءَ أداء عمله والتّهديدِ بالاعتداءِ والبدنـيّ والماديّ عليه...كان
الإنكارُ الجماعيُّ، وكانتْ شهاداتُ الزّور كتابةً ومُشافهةً، وكان التّحالفُ المصيريُّ
بين أغْبَـى التّلاميذ وأسْذَجِ الأولياء وأفْسدِ الإداريّين وأحْقَدِ المدرّسين.
أمّا "زعيمُ المافيا" فيثأرُ لنفسه من النّقْصِ
العلميّ الّذي يُعذّبهُ صباحَ مساءَ ولا يجدُ سبيلا إلى تَصْعيده [بالمعنى الفرُويدِيّ
للتّصعيد] إلاّ عبر التّنكيلِ السّاديّ بـمَنْ يحسَبُهم أفضلَ منه. لذا يَبذلُ قُصارى
جهده ليُثبتَ للرّأي العامّ الـمدرسيّ أنّ "التّفوّقَ العلميّ" للمغضوبِ
عليها يُـخْفي "فشَلا بيداغوجيّا" ذريعا مُزمنا تؤكّدُه
"انتفاضاتُ" التّلاميذ ضدّها بـ "عفويّة" لا تحريضَ فيها ولا
تواطُأَ ولا تأجيرَ ولا غسيلَ أدمغةٍ...
وأمّا "دمنةُ" فمبتدِئٌ مثابرٌ في ميدان
"الجريمة التّربويّة المنظَّمة"، يحملُ مِن فائض العُقَدِ النّفسيّة ما
لا طاقةَ للبشر العاديّين على حِـمْلِه. يؤرّقُه التّوْقُ إلى أن يَبُزَّ الرّفاقَ
في عصابة المافيا صائِحا في وجوهِهم بحماسةِ "أبي تـمّام" وجُرأةِ "عنترة"
وفصاحةِ "المتنبّـي" واثقا من حيازةِ شرفِ "الزّعامة" في وقتٍ
قياسيّ: «ها قدْ فَعلتُ وحْدِي في أشْهري الأُولَى ما عجِزتُمْ جماعةً عن الإتْيان
بمثله طيلةَ أعوام!».
وإنّه لَنصْرٌ عظيمٌ! فإنْ كان "المافيوزيُّ
البائسُ" قد أدَّى جريـمةَ التّهديد بكلّ هذه الـحِرَفيّة ولـمَّا يُنْهِ
عامَه الأوّلَ في "وكْرِ الأفاعي"، ما عساهُ يَصنعُ بعد أن يُرسِّخَ
قدمَه هناك؟!
ليكونَ ختامُها مِسْكا ندعُو "الزّعيمَ" إلى
أن يُحسِنَ مُستقبلاً انتقاءَ عملاءِ السُّوء بقدْرِ ما نلحُّ في دعوةِ "دِمنةَ"
إلى مزيد التّكوُّنِ الذّاتـيّ كيْ يُحسّنَ، في قادِم العصور، ما تيسَّر من أدائه البلِيدِ
الثّقِيل.
فوزيّــــة الشّـــــطّي
تونـــــس: 2015.01.22