الصَّحْوَةُ الأمَازِيغِيَّةُ: فَرِّقْ تَسُدْ
في السّنوات الأخيرةِ قويتْ النّزعاتُ 'الأمازيغيّة' الرّافضةُ للوجودِ
العربيّ بكلّ مظاهره في منطقة شمال أفريقيا. وهي نزعاتٌ عنصريّةٌ إلى النّخاع
لكونها ترفعُ شعارَات التّفوّق العرقيّ للعنصر الأمازيغيّ على العنصر العربيّ.
العربُ، حسْب زعمِ هؤلاء 'المنتفضين'، مجرّدُ غُزاة يجب تحريرُ شمال أفريقيا منهم عن بكرة أبيهم بقوّة السّلاح.
دأبَ أغلبُ 'النّاشطين الأمازيغ' على مقاطعة اللّغة
العربيّة الفصحى، مشافهةً وكتابةً، لِكونها 'لغةَ الغُزاة'. لكنّهم يتفانَوْن في
إتقان الفرنسيّة وفي استعمالها لغةَ تواصلٍ بينهم، ربّما لأنّها ليستْ لغةَ
المستعمر الفرنسيّ الفاشيّ بل لغةَ 'الحلفاء والدّاعمين
والمموّلين'. [بعضُ 'الفنّانين' و'المثقّفين' مِنْ مُدّعِي 'الحداثة' انخرطوا في هذا الرّكب].
في تونس، مثلا، تُشرفُ 'منظّمةُ الأمم المتّحدة' [حاميةُ المصالحِ الصّهيونيّة] على تمويلِ جمعيّاتٍ
تهتمّ بحقوق الأقلّيّات العرقيّة والمذهبيّة وبإحياء اللّغة والتّراث
الأمازيغيّيْن. والحقيقةُ أنّها منظّماتٌ مشبوهة تزرعُ الفتنةَ الطّائفيّة بين
مكوّناتِ الشّعب التّونسيّ المنسجم إجمالا. لاحظتُ عند هؤلاء 'النّاشطين' الـمُغالِين في الحماسة نزعةً عدائيّة تكاد تكون 'داعشيّة' ضدّ كلِّ عربيّ. بعضُهم يدعُو إلى مقاطعةِ التّونسيّين مِنْ ذوي الأصل
العربيّ أو إلى طردِهم من شمال أفريقيا كلِّه أو إلى إبادتهم إنْ لم يُسارعُوا
بالعودة من حيثُ أتوْا [الجزيرة العربيّة].
لاحظتُ أنّ الأقلّيّةَ الأمازيغيّة تُنسّقُ في أنشطتها 'الثّقافيّة' [مضمونُها غسيلُ الأدمغة] وأنشطتِها 'الخيريّة' [توزيعُ الإعانات الغذائيّة والعلاجيّة والماليّة مقابل استلاب العقول] مع 'الإباضيّةِ' الأقلّيّةِ المذهبيّة المنسوبة إلى الشّيعة ومع المسيحيّين الأجانب
والتّونسيّين [عديدُ التّونسيّين
تخلّوْا عن الإسلام وتبنّوْا المذهبَ البروتستانتي المعروف بقُربِه العميق من
اليهوديّةِ التّلموديّة الّتي هي البيئةُ الحاضنة للإيديولوجيّة الصّهيونيّة].
الأكيدُ أنّ وراءَ هذه 'الصّحوةِ الأمازيغيّةِ' المفاجئةِ الكثيرُ من الأيادِي المأجورة العابثة، وإليها ينساقُ مئاتُ
السّذّج مِنَ السّاعين إلى الجِدّةِ الزّائفة أم مِنَ الطّامعين في بعض المكاسبِ
المسمومة الـمُهينة.
أقولُ هذا وأنا أُقرّ بأنّ السّكّانَ الأصليّين لشمالِ إفريقيا هم الأمازيغ
كما إنّ السّكّان الأصليّين لمصرَ هم الأقباط لا العرب. وقبْلَ هؤلاء وأولئك
أقامتْ أقوامٌ أخرى مِنْ أعراقٍ شتّى. لكنّ الوضعَ لم يبقَ على حاله. إذ وفدتْ على
المنطقة أقوامٌ عديدة قبل العرب ومعهم وبعدهم. فاختلطتِ الأجناسُ عبر العصور
المتعاقبة، وتفاعلتِ الحضاراتُ، تعايُشا وتصادُما، عبر التّاريخ. والقولُ بـ 'أمازيغيّةِ' شمال أفريقيا الخالصةِ كذبةٌ خالصة لوجه الاستعمار الفتّان وخدمةٌ مأجورةٌ لصُنّاعِ
الفتنة الدّامية.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2017.01.14