{ قَدرٌ أفْضلُ {
[نُشِرتْ في: 'ديوانُ
العربِ'، 2018.01.29]
أحاولُ جاهدةً أنْ أنامَ. لكنّ خيالَك يُطاردني حيثُما
هربتُ بتفكيري. ذكرياتي الصّامتةُ تنخرُني كالسُّوسِ مِنَ الدّاخل: لِـمَ كانَ
يجبُ أنْ تنتهِيَ الأمورُ إلى ما انتهتْ إليْه؟!
لِـمَ كان يجبُ أنْ يُستعادَ المشهدُ الكسيرُ نفسُه؟!
كُنتُ أستحقُّ قدرا أفضلَ.
كالعيدِ الحزين، كذكرى الموتِ، تعُودُني في يقظتي
والـمَنامِ. تُبدّدُ بقيّةَ أحلامي. قبلَك كان فارسي عزائيَ الأبديَّ، ألوذُ به
من كلّ هزائمي، أشتكيهِ بُؤسَ المصيرِ، أستجيرُ به كلّما كبّلني العداءُ
الـمُتنامي. كان مشعلا ينيرُ ظلامَ نفسي. كان ينبوعا دائمَ التّفجُّر يروِي ظمئِي
إلى الحبّ والأمان. كان كلَّ ما لمْ أستطعْ أنْ أكُونَ. كان حُلما جميلَ
القسمات.
فجأةً رأيتُك. بل رأيتُ فيك فارسي ينزلُ مِنْ علياءِ
سمائه لِيحطَّ رحالَه على أرضي، شديدَ القرب منّي. أرعبني حضورُه الهائلُ
متمثِّلا فيك... أو هكذا بدا لي. رفضتُ أنْ أُصدّقُ ما أراه. اِستطبتُ حالةَ الأمانِ
المفقودةَ. أجْهدتُ نفسي في سبيلِ استعادتِها. تـمزّقتُ بين الرّغبة في حضورِك
الغامر وأملي في غيابِك الآمن. هل أستحقُّ كلَّ هذا، أنا المحكومَ عليها
بعذاباتِ الأحلام المستحيلة؟! إنّي واهمةٌ ككلِّ مرّةٍ. كفرتُ بحضورِك أمامِي
وفِـيَّ. أنا لستُ أهلا لهذا القدر الرّائع!
حتّى إذا ما صدّقتُ حضورَك، خِفتُ على صرحِ أحلامي أنْ
ينهارَ إلى الأبدِ، فأعود إلى المتاهةِ نفسِها. ماذا لو لمْ تكنْ، كما تصوّرتُ،
صورةُ فارسي الحقيقيّةُ؟! لنْ أقبلَ بالهزيمة. وإذنْ، لن أُغامرَ. ستقتُلني
الفاجعةُ. كيف لي أنْ أقبلَ الحقيقةَ عاريةً تُـجرّدني مِنْ وهمٍ ذابل تعوّدتُ
أنْ أستمدَّ العونَ على الحياةِ؟!
ظللتُ بين الخياريْن أتأرجحُ حتّى شُلّتْ قوايَ
وتفتّتَ نفَسِي القتاليُّ. أخيرا رفعتُ الرّايةَ البيضاءَ وأنا أرى حُلمِي،
مثالا وصورةً، تخنقُه الرّهبةُ ويجلُدُه الشّعورُ بالذّنبِ. فيرتدُّ كئيبا
كسِيرَ الجناحِ كطفلٍ غريرٍ لفظهُ عالمُ الكبارِ بتُهمةِ البراءةِ العَفويّة
والوضوحِ الحرام!
وفي سقوطِ حُلمي، انتحاري... أنا الّتي كنتُ أستحقُّ
قدرا أفضل.
{ فوزيّة الشّطّي {
تونس: 1994.01.18
|
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
2018-01-28
خاطرة: "قَدرٌ أفْضلُ"، 1994.01.18
2018-01-16
خاطرة: "كلامٌ في الحبّ"، 1996.05.27
{ كلامٌ في الـحُبّ {
[نُشر في:
'ديوانُ العرب'،
2018.01.17]
تسألينَ ما أقولُ عنِ الحبّ؟!
لستُ أدري. تعوزُني اللّغةُ بل اللّغاتُ. لكنْ لأجلكِ
سأحاولُ رسـمَه بالحروفِ الّتي تَـمتصُّ، دائمًا أبدًا، بعضًا مِـمّا نُحمِّلها
مسؤوليّةَ أدائه.
الحبُّ هو إعلانُ العصيانِ على الذّاتِ الـمتخاذلة، هو
الشّمسُ الّتي تُضيءُ وتُـحرِق، هو الإضرابُ عن الاعتزالِ والولوجُ في مَـمْلكةِ
الآخرِ أو استدعائه إلى رِحابِ الأنا.
الحبُّ هو أنْ تبحثَ دونَ هوادةٍ عن الوجهِ الحبيبِ في
كلِّ الوجوهِ الغريبة حولك، هو أنْ تنظرَ فلا ترَى غيرَ مَنْ تُحبّ، هو أنْ
ترتبكَ فيك الأنا وترتدَّ مفجوعةً مِنْ سطوةِ الآخرِ الحميم.
{
فوزيّة الشّطّي،
تونس: 1996.05.27 {
|
خاطرة: "اعتراف"، 1998.03.02
{ اِعْتِرَاف {
[نُشر في:
'ديوانُ العرب'،
2018.01.17]
اِخْتليتُ بنفسي طويلا كيْ أُراجعَ ماضيَّ القاسيَ معك
آمِلةً في موقفٍ حاسم كالـموتِ يُريحني مِنْ صَلفِك ويريحكَ مِنْ زُهدي.
مع كلِّ كشفٍ جديد ترتعدُ حِكمتي وترتبكُ عاطفتي. مع
كلِّ شكٍّ في نواياكَ يتضاعفُ شكّي في نفسِي الخاسرة، في حدسِي الـمتعثِّر، في
عقلِي الغبـيّ، في قلبِـي التّائه.
صُدمتُ فيكَ صدمةَ الرّضيع في ثديٍ بخيل، صدمةَ
الطّفلِ في أمٍّ جَحُودٍ، صدمةَ الفتَى في فجرٍ عَبوس، صدمةَ التّائبِ في جنّةٍ
خراب.
كالسّائرةِ في طريقٍ ضَلالٍ تبعتُكَ إلى الـمُنتهَى،
أوّلتُ نزواتِكَ، برّرتُ نَذالاتِك، غفرتُ خطايَاك، زيّنتُ صورتَك الشّقيّةَ بالضّبابِ،
تَوّجتُها بسرابِ أحْلامي، شذّبتُها بجُموحِ أخْيِلتي، كحّلتُها ببراءةِ
أوْهامي... وانتظرتُ!
وإذا القناعُ انكشفَ، وإذا الضّبابُ انقشعَ، وإذا
الأحلامُ كُذِّبتْ، وإذا الأوهامُ بُدِّدتْ، وإذا الخيالُ ارتدَّ مدهوشا إلى
سراديبِ الغياب.
وها أنا: أُجمِّعُ مِنْ نفسي شتَاتا قد تَـمنَّع،
وأُحوِّلُ وجهةَ أيّامي نحو فجرٍ في المخاضِ قد توجَّع.
{
فوزيّة الشّطّي، تونس: 1998.03.02 {
|
شعر: كيف؟، 1991.02.09
{كَيْفَ؟{ [نُشر في:
'ديوانُ العرب'، 2018.01.17] http://www.diwanalarab.com/spip.php?article48885 كَيْفَ لِي أَنْ أَرْسُمَ الْـحُلْمَ الْكَسِيرَ عَلَى وَرَقْ أَنْ أَنْـحَتَ بِالْكَلِمَاتِ الْـخُرْسِ وَجْعًا مُـخْتَرِقْ أَنْ أَبْعَثَ بِالنَّوْحِ مِنْ قَبْرِهِ رُوحًا يَـخْتَنِقْ؟ {فوزيّة الشّطّي، تونس: 1991.02.09{
|
❤ تونس: ربيع 2022، عدسة: فوزيّة الشّطّي ❤
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)