|النّخبةُ: الدّاعِشيّةُ-الحَداثويّةُ|
منذ جانفي 2011 تفانتْ عصابةُ الدّواعشِ
المتصهْينةُ في انتداب ما يُسمّى تجوّزا 'النّخبة' خاصّة مِن صنف الباحثين والأساتذة والأكاديميّين عبر الإغراء بشتّى أنواع
الغنائم (المنح الماليّة، النّساء الجواري، المناصب عن غير جدارة، البعثات المهنيّة
والعلميّة، الأسفار المجانيّة، الأولويّة في اقتناء الأملاك المصادرة بأبخس
الأثمان...).
وقد استجابَ للعصابة الدّاعشيّة
الانتهازيّون الـمُعَدُّون دوما للتّأجير المؤقَّت أو للبيع القطعيّ. أمّا أسوأُ
مَن بايعَها على السّمعِ والطّاعة والولاء اللاّمشروط فأولئك الإناثُ/الذّكورُ المصابون بعُقدةِ الحقد على المؤنّث: هو الحقدُ النّاشئُ عن
الشّعورِ المرير بالنّقص تجاهَ الآخر. وهذا الشّعورُ موزّعٌ بعدل كبير بين
الجنسيْن. بل إنّه كفيلٌ بضبطِ التّركيبة النّفسيّة والذّهنيّة للشّخص
وبالتّحكّم في المسار الحياتيّ للمُصابين به. حتّى إنّ الانتقامَ مِن هذا 'الآخر المؤنّث' يُضحِي هاجسا يُقِضّ المضاجعَ. وقد مثّل
'طلوعُ البدرِ الإخوانيّ-الدّاعشيّ' فرصةً ذهبيّة لتصعيد تلك العُقدِ الحبيسة الجيّاشة.
وتكريسا لمبدأ التّقيّة الإخوانيّة،
درّب الدّواعشُ هؤلاء المرتزقةَ على التّخفِّي في الهيئة والسّلوك والخطاب...
شرطَ أن يُروّجوا بسلاسةٍ ودهاء الدّعايةَ الإخوانيّة المطلوبةَ في الفضاءات
الاجتماعيّة الّتي يتعذّرُ على أيِّ إخوانيّ مكشوفِ القناع أنْ يرتادها أو
يؤثّرَ في أصحابها. مِن أشهرِ أنواع الدّعاية هذه أنّ الشّهيدَ 'شكري بلعيد' زعيمَ حزبِ الوطنيّين الدّيمقراطيّين
الموحّد (اغتاله الإخوانُ يومَ: 2013.02.06 رميا بالرّصاص أمام بيته) لم يمتْ بعدُ وأنّه ما زال مُختبئا في مكانٍ مّا مِن ليبيا.
- السّؤالُ: لِمَ هذا الاختيارُ
بالذّات؟!
- الجوابُ:
نُرجّح أنّها دعايةٌ مصيريّة لكونِها تسعَى إلى أن تنظّفَ الفصيلَ الإخوانيّ
الإرهابيّ مِن دمٍ حرام آمن الرّأيُ العامّ الوطنيّ والدّوليّ بأنّه المسؤولُ عن
سفكِه. وبما أنّه يستحيلُ إقناعُ النّاس بأنّ الدّواعشَ لم يغتالوا 'شكري بلعيد'، يصير الإيهامُ بأنّه لم يمتْ أسهلَ
وأقربَ إلى نفوسِ المواطنين السّذّج والـمُحبَطين والباحثين عنِ الأمل حتّى لو
كان سرابا خُلّبا. وهؤلاء المواطنون، إنْ وقعُوا في فخّ النّخبة الدّاعشيّة،
صارُوا بمثابة 'الجيشِ الاحتياطيّ' الّذي يحمِي ظهرَ القتلة بشكِّه وصمتِه وخنوعِه وتواطئِه.
يجب التّنبيهُ إلى أنّ 'النّخبة الحداثويّة' لا تقلُّ عنْ هؤلاء شرّا وعمالة
وتصهيُنا. بل إنّ الفصيليْن يقتسمان الأدوارَ القذرةَ قسمةً مُـمنهَجةً ومُـملاة
أجنبيّا كيْ يحضّرا 'الغطاءَ المدنيّ' للإرهابيّين الدّوليّين المتربّصين بهذه البلاد وبما جاورها.
أمّا تصنيعُ الفتنة فهو أوْكدُ المهمّاتِ
النّخبويّة في الوقت الرّاهن. ولنا في الصّراعِ المفبرَكِ بين 'لجنة الحقوق الفرديّة والمساواة' وبين مُعارضِيها الرّافعين شعارَ 'الإسلامُ في خطر'، خيرُ دليلٍ على سياسةِ
التّضليلِ والإلهاء والتّفتيت والتّفتين وتحريضِ المواطنين ضدّ بعضهم بعضا. تلك
السّياسةُ الّتي تنتهجُها الحكوماتُ المافيوزيّةُ ضدّ 'شعوبِها' (مصطلحُ 'الرّعيّة' أصدقُ) الغارقةِ في الجوعِ والكآبة والعطالة والجهالة
والجريمة المنظَّمة... مِنْ أجل 'حلِّ' مثلِ هذه الأزمات، تُّصنَّع الحروبُ 'الأهليّةُ' (الحقُّ أنّها حروبٌ غيريّة) في سراديبِ صناديقِ
النّهب الدّوليّة والشّركاتِ المتعدّدة الجنسيّات ومافياتِ الأسواق السّوداء. ويتكفّلُ
الحكّامُ المحلّيّون (الخدّامُ الـمُجنَّدون
مِنْ وراءِ البحار) بتنفيذِ خُططِ
الدّمار الشّامل تنفيذا حرفيّا. وعلى قدرِ نجاحهم في تلك المهمّة، يكونُ
الجزاءُ.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2018.08.13
|
صورةٌ مِن النّات