مِن الطّردِ إلى الإجَارة
بعد أنّ نَظّم السّيّدُ "منصف المرزوقي" «مؤتمر أصدقاء سوريا الألِدّاء» تطوّعَ لمنْح الرّئيس السّوريّ "بشّار الأسد" وعائلته اللّجوءَ السّياسيّ في تونس طالِبا لضيفِه المحتمَل الحصانةَ من أيِّ تتبُّعٍ قضائيّ. سينزل بيننا الطّاغيةُ معزَّزا مكرّما آمِنا على دمِه وماله وعِرضه، وهو المتّهَم بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة وجرائم حربٍ أدمتْ قلوبَ حكومتِنا الشّرعيّة حتّى النّزيفِ السّياسيّ.
في هذا الشّأن أضمُّ صوتي إلى صوت المناضل الحقوقيّ السّابق لأسبابٍ عدّة أهمُّها:
- أنْ نكيلَ الصّاعَ صاعيْن لِـ «أعداء» سوريا. سنحتضنُ "الأسدَ" نِكايةً فيهم وشماتةً بهم. ولا تَحسَبنَّ فِعلَنا هذا إهانة للشّعبِ السّوري المقتَّل الجريح أو استِهانة بالجرائمِ المرتَكَبة في حقِّه، وإلاّ كُنتَ كمنْ يضعُ العصا في العجلة ويتآمرُ على "أوّلِ" رئيسٍ للجمهوريّة التّونسيّة "الأُولى" الّذي بلغَ عرشَ قرطاج بالشّرعيّة الانتخابيّة للمرّة "الأُولى" في تاريخنا الوطنيّ. والدّليلُ القاطِع على ما ندّعي أنْ لا مترشِّحَ وقَف في وجهه منافِسا!
- أنْ نُثبِتَ للعالَم كلِّه أنّنا نتفوَّقُ في كرمِ الضّيافة وحُسنِ الإجارة وغُفرانِ الخطايا على "قبائل الذّهب الأسود". والدّليلُ الّذي لا يختلف فيه إثنان أنّنا نعِدّ العُدّةَ لاستقبال سفّاحٍ أودَى بعشرة آلاف شهِيدٍ، بينما لم يلتهِمْ ضيفُ "الوهّابيّين" إلاّ ما تجاوزَ المئاتِ الثّلاث بقليل. فعلى قدرِ جرائم الضّيف تأتي الضّيافةُ!
- أنْ نُكفّر عن "ذنبِ" «طرد السّفير السّوريّ» الّذي كان استعراضا مبالَغا فيه للنّزعة الثّوريّة واختبارا بالوكالة للرّأي العامّ العربيّ وأداءً رديئا باهِتا مُـملاّ لِـ «مسرحِ الممثّل الواحد» واستغلالا سابِقا أوانُه لِـ «كونيّة حقوق الإنسان». طردُ سفيرِ النّظام الاستبداديّ الدّمويّ ثمّ منحُ اللّجوء لرأس ذاك النّظام خطّان متوازِيان تعاقَدا عُرفيّا حتّى تقاطعا في النّقطةِ الصّفرِ. بذا يصيرُ الذّنبُ ذاك مناورةً خليجيّة لا تلعب فيها تونسُ عدا دورَ الواجهةِ الصَّبوح ولوْ من خلفِ النّقاب!
- أنْ نُسكت الأصواتَ المطالبةَ بإعادة "زين العابدين بن عليّ" وعائلتِه الموسَّعة مِن ربوعِ الحجاز إلى المساءلةِ والمحاسبة. إذا صدّرْنا طاغيةً واستضفْنا آخرَ نكونُ قد تناصَفْنا: العينُ بالعينِ، والسّنُّ بالسّنّ، والبادي أخفُّ وِزرا بما أنّه لم يخُنْ مُذْ كان ولاءاته الأبديّةَ لرموز الطّغيان العربيّ والغربيّ ولمْ يدّعِ يوما الثّوريّةَ والحقوقيّة والمدنيّة. أمّا حاكمُ تونس الثّائرةِ فمجرّد مبتدئٍ طَموح مثابِر يسير سيْرا حثيثا على خُطى «سفّاحي الخليج» في السّياستيْن الدّاخليّةِ والخارجيّة على السّواء.
إجارةُ الرّئيس السّوريّ بعد المساهمة في الإطاحة به: خطّةٌ أوفتْ بشروط الواقعيّة السّياسيّة الّتي تجاهِد لتضربَ كلَّ العصافير الباركة والمحلّقة بحجرٍ واحد في الآنِ عينِه. وفي انتظارِ المعجزة التّونسيّة "الثّانية" التزِمُوا صمتَ القبور، واتركوا صُنّاعَ «العهد الجديد» يعملون بلا شريكٍ لا ضديد لا حسيب.
فـوزيّـة الشّـطّي
تونس: 2012.02.29
الإمضاء: سافرة من "جماعة الصّفر فاصل..."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق