"الكــفاءةُ النّموذجــيّة"
☻حاشا مَن لا يَستحقّ☻
قبل
هذه السّنة الدّراسيّة كان التحاقُ أساتذة التعليم الثّانويّ للتّدريس بالإعداديّات
والمعاهد النّموذجيّة أمرا مرهونا برأي المتفقّد. وهو رأيٌ فرديّ حاسم جازم لا يجادله
فيه أحدٌ ولا تُبطلُه الوقائعُ. حسب هذا القانون الاستبداديّ يظلّ المتفقّدُ الفردُ
الحاكمَ الوحيد الأوحد على "كفاءة" المدرّس. والجميعُ يعلمُ شروطَ "الكفاءة"
في جميع مؤسّسات "دولة الفساد والاستبداد". أوّلُها الولاءُ المطلَق لشخص الإطار البيداغوجيّ،
ثانيها الاستعدادُ لخدمته باليد وباللّسان وما لفّ لفَّهما، ثالثُها إنجازُ الأعمال
الاستخباريّة المطلوبة عن الأساتذة والإداريّين الخارجين عن القطيع... وباقي الشّروط
ثانويّ لا وزنَ له. فلا القيمةُ
العلميّة ولا المهارةُ البيداغوجيّة ولا الشّهائدُ الجامعيّة ولا الهيبةُ
الشّخصيّة ولا غيرُها... يرجّح كفّةَ مترشّح على آخر. ينصّ "قانونُ الغابِ"
(التّربويُّ/التّربويِّ) على احتماليْن أحلاهما مُرّ: إمّا الولاءُ، وإمّا
القتلُ الرّمزيّ الّذي تتواطأ فيه مؤسّساتُ "الدّولة" بالصّمت في أحسن الأحوال وبالانخراط الفعليّ
في الأغلب الأعمّ.
أمّا
في هذه السّنة الدّراسيّة [2014-2015] فقد أصدرتْ وزارةُ
التّربية منشورا ثوريّا إلى حدّ كبير، بمقتضاه صار التحاقُ الأساتذة بالمؤسّسات المذكورة
مرهونا بثلاثة أطراف: (التّقرير البيداغوجيّ + التّقرير الإداريّ +
قرار وزارة التّربية). لكنّ الغريبَ في الأمر أنّ
المنشور وُزّع على بعض المؤسّسات التّربويّة يومَ 08 سبتمبر
2014 جاعلا
اليومَ العاشر [10]
من
نفس الشّهر والسّنة الأجلَ الأقصى لتقديم مطالب التّرشّح!
لم
يسمحْ هذا الأجلُ الاستثنائيّ بوصول المنشور إلى جميع المندوبيّات الجهويّة
للتّربية ولا إلى جميع الإعداديّات والمعاهد. وهذا أوّلُ اعتداء على مبدإ العدل
بين المترشّحين وتساوي الفرص أمامهم. ثمّ إنّ 48 ساعة
فحسبُ هو أجلٌ تعجيزيّ قد يُظهر من سوء النّيّة ما يشطُب "ثوريّةَ" هذا المنشور ويُلغي نجاعتَه ويُعطّل التّطبيقَ
الصّارم العلنيّ لبنوده. والدّليلُ أنّ نتائجَ التّرشّحات لم تصدرْ حتّى يومِ الاستئناف
هذا (13 سبتمبر
2014). أتوقّع أن يتمّ التّعلّلُ بضيق الوقت أو بخصوصيّة
تلامذة المؤسّسات النّموذجيّة الّذين لا يتحمّلون فوضى تبديل الأساتذة أو حتّى بـ "الواجب الوطنيّ"
الّذي يحتّم على المترشّح الجدير بالمهمّة التّنازلَ عن الحقوق الفرديّة خدمة
للمصلحة الجماعيّة! أو غير ذلك من الحجج الاصطناعيّة
الواهية الّتي ترمِي إلى إرباك تطبيق نصّ المنشور.
إنّ
السّلطةَ المطلقةَ، أيّا يكنْ مجالُ نفوذها، لا تُسْلِم مقاليدَ النّفوذ بسهولة. بل
تتلكّأ، وتُناور، وتَستنبط مِن وسائلَ الدّهاء الإداريّ ما يُلبس الحقَّ بالباطل ويكسو
الباطلَ بالحقّ.
فوزيّـة الشّـطّي
تونس: 13 سبتمبر 2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق