الصُّكوكُ "الإسلاميّة
": بَيعٌ مُقنَّع
تهدفُ
الصّكوكُ "الإسلاميّة" إلى
التّفويتِ التّدريجيّ الممنهَج في جميع المؤسّسات العموميّة ذات القيمة الرّمزيّة والماليّة
العالية (الملاعب، المتاحف، المسارح، الطّرق السّيّارة، المواقع
الأثريّة، المؤسّسات التّعليميّة...). هذا لأنّ بيعَ
العقار الّذي رُهِن ضمانا لتسديد الدّيْن نقدا هو مبدأٌ أصيلٌ، وإنْ بدا ضمنيّا، في
الصّكّ "الإسلاميّ": إذا
عجزتْ تونسُ عن تسديد معلوم الصّكوك "الإسلاميّة" إلى
مانحِيها في الآجال المتّفَق عليها بين الدّائن والـمَدِين صار بيعُ العقار أمرا لا
مفرَّ منه. وسيحْظَى أصحابُ الصّكوك بحقِّ الشُّفْعَة (الأولويّة) في
الشّراء. أمّا في القروض التّقليديّة فيتّفقُ الطّرفان، إذا لم يَفِ الـمَدِينُ
بالتزامه، على تمديدِ فترة تسديد الدّين مع التّرفيع في نسبة الفوائض أو على إعادة
جدولة الدّيون خاصّة بعد الأحداث الثّوريّة. وتظلّ الدّولةُ الضّامنَ الوحيدَ لتسديد
قيمة القرض.
إنّ
هاجسَ الماليّة "الإسلاميّة" هو
تَـملّكُ أكثر ما يمكن من العقارات كما كان الشّأنُ مع "الوكالة
اليهوديّة" الّتي تخصّصتْ في شراء العقارات من
مالِكيها الفلسطينيّين تمهيدا للاستعمار الصّهيونيّ الاستيطانيّ: كان شراءُ
العقارات بأسْخَى الأثمان فاتحةً لسلْبِ وطنٍ مِن أهله. وليست الصّكوكُ "الإسلاميّة" في
وضعنا الكارثيّ هذا، وطنيّا وإقليميّا ودوليّا، إلاّ بوّابة للجحيم. يجبُ ألاّ
نتغافلَ عن التّحالفِ الاستراتيجيّ القديم بين "المنظّمة
الصّهيونيّة العالميّة" وبين "التّنظيم
العالميّ للإخوان المسلمين" الّذي أشرفتْ
على حبْكِ خيوطه "الإمبراطوريّةُ
الّتي لا تغيبُ عنها الشّمسُ" صاحبةُ "وعد
بلفور" المشؤوم (2 نوفمبر
1917) قبلَ
أنْ تستبدَّ بالأمرِ "الإمبراطوريّةُ
الأمريكيّة المتوحِّدة".
وإذا
علمنا أنّ "مافيات الفساد والاستبداد"
المتحكِّمةَ
في دواليب دولتنا المنكوبة ستَلتهمُ معلومَ الصّكوك كما التُهِمتْ قبْلا الهبةُ الصّينيّة
(سارق المليار) والأموالُ
المصادَرة (حكومة حمّادي تفجيرات) وأثمانُ
التّفويت في النّسبة العائدة للدّولة من رأسمال عدّة شركات (النّقل،
تونيزيانا، الإسمنت...) جهارا نهارا دون
أن تتّخذَ المؤسّساتُ القانونيّة والأمنيّة والقضائيّة موقفا حازما، أدركْنا أنّ العجزَ
عن تسديد هذه الصّكوك "الإسلاميّة" الملغومة
حتميّةٌ لا يَطالها الشّكُّ: محكومٌ علينا بالعجزِ عن الإيفاء بالتزاماتنا الماليّة
حتّى لو كنّا قادرين عليه!
لقد
صادق "المجلسُ اللاّوطنيّ التّأسيسيّ" في
2013 على
قانون يُشرِّعُ التّعاملَ بالصّكوك "الإسلاميّة" كيْ
نصلَ اليومَ مع "اليمين" الّذي
تحالفَ شِقّاه وتطابقَ وَجهَاهُ والتحمتْ خُطاهُ، إلى سياسة الأمر الواقع، أي التّطبيق
الميدانيّ للخطّة المعدَّة في دهاليزCIA :
بيعُ الجمهوريّة التّونسيّة، وقد أفلستْ رغمَ أنفِها، بالدّينار الرّمزيّ للشّركات
المافيوزيّة العابرة للقارّات الّتي يُديرُها صهاينةٌ من شتّى الأصناف: العرب (سفّاحُو
الخليج نموذجا) واليهود (أحفاد
روتشيلد نموذجا) ودواعش المسيحيّين (البروتستانت
مؤسِّسُو الصّهيونيّة السّياسيّة نموذجا).
على
هذا الأساس المنطقيّ أجزمُ بأنّ الصّكوكَ "الإسلاميّة"
هي بيعٌ للعقار المرهون مع سبْق الإضمار والتّرصّد. وهل مِن "دولة"
باقية إذا بِيعتْ المؤسّساتُ الوطنيّة الّتي شيّدَها المالُ العامُّ المدفوعُ من
دمنا ولحمنا، نحنُ العمّالَ والأجراءَ غيرَ المتهرِّبين من دفع ضرائبنا؟!
فوزيّة
الشّطّي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق