إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019-05-15

تدميرُ التّعليم العموميّ: إرهابُ الدّولة


تدميرُ التّعليمِ العموميّ: إرهابُ الدّولةِ
كيف تعملُ وزارةُ التّعليم العالي، بالتّحيّلِ على القانون وبخداعِ الرّأي العامّ وبسياسةِ المراحل الـمُضلِّلة، على خوْصصةِ الجامعات العموميّة التّونسيّة؟
- تقرّرُ مشروعًا جامعيّا مّا بالشّراكةِ مع فرنسا (الاستعماريّة) أو ألمانيا (النّازيّة)
- تساهمُ في تمويله مِن أموال الشّعب التّونسيّ المستباح
- تفتحُ مجالَ الاكتتابِ للخواصّ مِن رجال المال التّونسيّين ومِن الأجانب المستثمرين/الـمُعمِّرين (وهؤلاء هم المعنيّون أساسا بالخدمات الحكوميّة السّخيّة)...
- ثمّ ستجدُ حجّةً مّا (الإفلاس، العجز عن سداد الأقساط، استحواذُ الأجانب على أغلب أسهم المشروع...) كي تبيعَ نصيبَها (أيْ نصيبَنا) مِن المشروع 'الجامعيّ/الاستعماريّ' للخواصّ الـمُكتتِبين فيه منذ البدْء أو لغيرهم مِن الـمُستوطِنين الجاهزين لشراء تونس أرضا وشعبا وسماء.
نفسُ هذه الوزارة لا تملكُ ملّيما لترميمِ البنية التّحتيّة الّتي تعاني منها جامعاتُنا المتهالكة ولا لبناءِ المبيتات الجامعيّة للطّلبة المتروكين فريسةً لدى السّماسرة الـمُستكرِشين ولا لتحسين أوضاع المدرّسين الّذين انحدرُوا، بعد انقراضِ الطّبقة الوسطى، إلى درجة الفقرِ الـمُهين المعطِّل لمشاريع البحث العلميّ.
زميلتُها، وزارةُ التّربية الموقّرة، تفعل الشّيءَ نفسَه (يا لها مِن صدفة عجيبة): تنوحُ مدّعيةً ضيقَ ذات اليد كلّما طالبَ منظورُوها بحقوقِهم المهنيّة والإنسانيّة أو بحقوقِ مؤسّساتهم التّربويّة في الصّيانة والحماية والدّعم الماليّ. وتجودُ، في ذاتِ الوقتِ، على باعثي المدارس الخاصّة بالمنحِ الضّخمة وبالتّسهيلات الإجرائيّة المدهشة: أضعفُ الإيمان أن 'تبيعَهم' بالدّينار الرّمزيّ أرضَ المشروع الّتي تساوِي المليارات.
ذاك ما نعنيه بالدّولية المافيوزيّة: 'دُويلةٌ' تُجنِّد مؤسّساتها الإداريّةَ والقضائيّة والماليّة وغيرَها لتحمِيَ المافيات، الـمحلّيّةَ والأجنبيّةَ، مِن طائلة القانون وتسرقَ لها رزقَ التّونسيّين بالطّرقِ الشّرعيّة وتـجرَّ المواطنَ إلى الدّركِ الأسفل تفقيرا وترهيبا وتَتْفيها وتجهيلا... حتّى لا ينشغلَ إلاّ بقوتِ يومه. فيظلُّ يلاحق الخبزَ المرّ تاركا أربابَ الإجرام المعولَم يرتعون في سلام بلا حسيبٍ ولا نذير.
مِن أجل ذلك تُصنَّع 'الأزماتُ الاستهلاكيّةُ' الـمُفتعَلة وفقَ قاعدة «إنْ وُجِدَ الحليبُ، اخْتفَى البيضُ». فإذا لم تنقطعْ أنفاسُك بحثا عن الحليبِ (المكدَّسِ في المخابئ الرّسْـميّة)، ستهترئُ أقدامُك جريا وراء البيضِ (الـمُكوَّمِ داخل السّراديب شبهِ الحكوميّة). ثمّ يخرج الزّعيمُ ليهتفَ مُنتصِرا مُطمئِنا جمهورَ المستهلكين: «هَا قد قبضْنا على الحليبِ/البيضِ متلبِّسا بعبور الحدود خِلسةً!»... وهكذا يمضي العمرُ في صراعٍ عبثيّ مع صخرةِ 'سيزيف الـمُتوْنَس'.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2019.05.15

ليست هناك تعليقات: