L يسارٌ يفْقدُ الصّوابَ L
يعلّلُ بعضُ الرّفاق مساندتَهم لمرشّح
الدّواعش في الدّور الثّاني مِن الانتخابات الرّئاسيّة بحاجة الشّعب التّونسيّ
إلى 'درسٍ قاس كيْ يحسنَ الاختيارَ في الانتخابات مستقبلا'. وأعتبرُ هذا التّبريرَ كارثيّا يَنِمّ عن جهالةٍ وساديّة وانسدادِ أفق.
وذلك لأسباب ثلاثة على الأقلّ:
1- لن يحكم الدّواعشُ تونس كي يلقّنوا
النّاخبين الدّروسَ. إنّما غايتُهم تفكيكُ ما بقي مِن مؤسّسات الدّولة وتوطينُ
الاستعمار المقنَّع والمباشر فيها حتّى لا يكون بوسعنا لاحقا أن نقتلعَه. أثناءَ
ذلك تكون القوى الشّعبيّة قد تشظّتْ بسبب الصّراعاتِ (المصنَّعة على المقاس) الطّائفيّةِ
والجهويّة والطّبقيّة...
2- إنّ الدّرسَ الوحيد
الّذي سيتكفّل دعاةُ الدّواعش وسفّاحُوهم بتلقينه للتّونسيّين هو تعميمُ الجهلِ
المقدَّس والعنفِ الإرهابيّ والتّعصّبِ الأعمى والكفرِ بالقيم الإنسانيّة: سيعلّمون
التّونسيّين أن يذبحَ الابنُ أباه دون أن يرِفّ له جفنٌ وأن تبيعَ الأمُّ ابنتَها
في أسواقِ جهاد النّكاح بكلّ فخر وأن يسرقَ الغنيُّ كسرةَ الخبز مِن فم الجياع عِيانا
ولا مِن مٌغيث...
3- لن يغادرَ الدّواعشُ
تونسَ إلاّ وهي خرابٌ اجتماعيّا، ملوّثةٌ أخلاقيّا، غابةٌ أمنيّا، مافيا
سياسيّا... وقتها لن تجدوا، أيّها المتطفِّلون على اليسار الوطنيّ، مَن يكون قد
تلقّى 'الدّرسَ القاسيَ' ليحسنَ انتخابَكم.
بهذا التّحليلِ الأخرق الأهوج، لا
أعتبركم خيرا مِن الدّواعش. بل أراكمْ شرٌّا منهم: فهمْ سافرون، وأنتم مقنَّعون.
الموقفُ الأكثرُ عقلانيّة حسْب رأيي هو:
أن نقاطعَ
الدّورَ
الثّاني
مِن الرّئاسيّة. فلا
مرشّحُ المافيا جديرٌ بأصواتنا، ولا عميلُ الدّواعش خليقٌ بمساندتنا.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2019.10.12
|
فوزيّة الشّطّي: شعارا وعدسة
هناك تعليق واحد:
يُحيل مصطلحُ "الثّورة الثّقافيّة" المسقَطُ قسرا على واقعنا التّونسيّ إلى ما ارتكبتْه الماويّةُ الصّينيّة طيلة عقد كامل (1966-1976) مِن تصفيات جماعيّة شنيعة ضدّ نخب البلاد (ساسة، إعلاميّون، مفكّرون، أطبّاء، أكاديميّون، فنّانون، أدباء...) بحجّة أنّهم مصابون بـ "لوثة البرجوازيّة" وأنّهم "خطرٌ داهم على البناء الاشتراكيّ الصّينيّ". أطلق "ماو" ميليشياته المكبّلة بالحقد الأعمى وبالأمّيّة العميقة وبالتّعصّب الإيديولوجيّ الأحمق على مَن يمكن أن يكونوا خصوما خطرين. فأبادهم إعداما أو انتحارا أو تدميرا معنويّا أو نفيا في المزارع الرّيفيّة... لقد وفّر للجماهير الجائعة العمياء البصيرة "ثورةً" سهلةً كي يضمن أنّها لن تثور عليه. هكذا ضرب عصفوريْن بحجر واحد: منحَ شعبَه فرصةَ تصعيد الحقد الأعمى الّذي ينخر كيانَه، وأفرغَ السّاحةَ السّياسيّة مِن كلّ منافس أو مشاكس أو معرقِل..
هذا ما تسعى إليه لجانُ "الشّعب يريد" الإرهابيّةُ قلبا وقالبا ضدّ الجمهوريّة التّونسيّة.
إرسال تعليق