حكومة لا قبلَها ولا بعدَها
ما زال جِرابُ الحكومة النّهضويّة مليئا بالمفاجآت الّتي تفيضُ علينا لسدّ النّقصِ أو لإسكات الخصوم "الخونة أعداء اللّه والوطن" ما داموا أعداءَ "حكّام قرطاج الجدد". آخرُ ما خرج به علينا مُهرِّجُو "البلاط القطريّ" وتُبَّعُ "الخلافة الأمريكيّة الرّاشدة" أنّ «الاتّحاد العامّ التّونسيّ للشّغل» يُوظّف ميليشيات آتية من كلّ حدبٍ وصوب لترتكبَ جرائمَ التّظاهر والاحتجاج والمطالبة بالحقوق الممنوعة ولتُعطّلَ حكومةً دفعتْ الغالي والنّفيس لإنقاذ الشّعب السّوريّ الشّقيق من جلاّده والحال أنّ الطّوفان يلتهم الأخضر واليابس من الشّمال الغربيّ التّونسيّ ذاك الخارجِ من نكبة الدّاخلِ في أخرى. وليس باقي الوطن بأفضل حالا منه.
أمّا العملُ الحكوميّ على أرض الوطن فهو خنقُ سلطة الإعلام وتحريمُ حرّيّة الرّأي والتّعبير ومصادرةُ الحقّ النّقابيّ وتخوينُ المعارضين والمحتجّين بمن فيهم الجياع المعدمون السّابحون قسرا في الوادي المارد وزرعُ الرّعب في المواطنين والأمنيّين بميليشيات حزبيّة تجوبُ البلاد طولا وعرضا يراها جميعُ الخلق المبصرين إلاّ مشغِّلوها. وأمّا من ارتكبوا "الذّنوبَ الفنّيّة" فالجحيمُ الدّنيويّ مفتوح على مصراعيْه في وجوههم المكفهرّة المرتعبة، مفتوحٌ بمباركة عليّةٍ من وزاراتٍ سلفيّة ثلاث: الشّؤون الدّينيّة والدّاخليّة والثّقافة. وأجلُّ من هذا وذاك أن يتفنّن العملُ الحكوميّ الدّؤوب في خلق الأزمات الّتي تأخذ بألباب الرّأي العامّ حتّى يُسلمَ القياد ويخضعَ للابتزاز ويرضخ للمساومات بلا كثيرِ جدال. هذا الدّهاء السّياسيّ العجيب الّذي أتقنه حكّامنا الشّرعيّون بأسرع من لمح البرق احتاجتْ الآلةُ التّجمّعيّة الرّاحلة دهرا لتؤدّيَه بنفس هذا القدر من الشّراسة والكفاءة والنّجاعة.
كان على الحكومة أن تتّقِي لعنات «الاتّحاد، أكبر قوّة في البلاد» الّتي نزّلت الثّلجَ أكواما وأنزلت المطرَ مدرارا وألهبت الأسعارَ نيرانا وأطلقتْ سراحَ المجرمين والإرهابيّين كيْ يعِيثوا في الدّنيا فسادا وإفسادا. أمّا اتّهامُه بما هو فيها بأصل النّشأة والتّكوين والسّيرورة فعبثٌ يُضحك ولا يُسلّي. إنّما يفضح المراهقةَ السّياسيّة الّتي أدمنها هواةُ "ماء النّار"، مراهقةٌ تُشعل الحرائقَ حيثما ولّت وجهَها لتصيِّر الشّعبَ أعوانَ مطافئ، مراهقةٌ يُراد بها بناءُ «الجمهوريّة المدنيّة الدّيموقراطيّة» الّتي لم يلدْها والدٌ قبلُ ولا أحسبُها تلدُ إلاّ "فئران مخابر".
فـوزيّـة الشّطـّـي
أفريل 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق