إلى الرّأي العامّ التّربويّ التوّنسيّ:
الفصلُ الرّابع: 'مجلس التّربيّة' العديمُ
التّربية
في المؤسّسات التّربويّة المنكوبة يُعدُّ 'مجلسُ التّربيّة'
جزءا لا يتجزّأ من الغنيمة الّتي يحرص أعضاءُ المافيا على التسلّلِ إليها
والتّحكّم بها. فهذا المجلسُ وسيلةُ ضغط على الزّملاء والإدارة والأولياء
والتّلاميذ يحتاجه اللّوبيّ المافيوزيّ حاجةَ العسكر للسّلاح. لذا يُعِدُّون
العُدّةَ في مفتتح السّنة الدّراسيّة للاجتماع الإخباريّ كيْ يمنعُوا حصولَ
انتخابات ديمقراطيّة لأعضاء هذا المجلس (التّعلُّل بضيق الوقت، الاحتجاجُ على قلّة الثّقة في
الزّملاء المترشِّحين-الـمُنَصَّبين...).
هكذا يكونُ تنصيبُ الحلفاءِ والعُملاء هو السّبيلُ
الأوحدُ لإحكام السّيطرة على جهازٍ تأديبـيّ حاسمٍ في مصير التّلاميذ الـمُحالِين
عليه وفي هيبة المدرّسِ الشّاكِي وفي حفظِ حقّ باقي المتعلِّمين في الحدِّ الأدنى
من الجوّ الدّراسيّ الطّبيعيّ. ولأنّ المافيا، حيثُما كانتْ، مارقةٌ عن القوانين
جميعِها ومختصّةٌ في الجريمة المنظَّمة فإنّها تعملُ جماعيّا وقبْليًّا ومُؤامراتيًّا
بما لا يتركُ أثرا يُذكَر على جرائمها في حقّ القِيَم التّربويّة.
على هذا الأساس لا تُسنَد العقوباتُ وفقَ ما ينصُّ عليه
القانونُ المنظّمُ للعقوبات التّأديبيّة. إنّما حسْبَ هويّة الشّاكي (لا يستوي شريكٌ
في ماكينة الفساد والإفْساد مع مريضٍ بالنّزاهة والعدالة والمصداقيّة) وحسْب منزلةِ
المشتكَى به الاجتماعيّةِ (لا يستوي غنيٌّ مع فقير ولا قريبٌ مع غريب ولا صاحبُ
سلطان مع مهمَّشٍ!).
بل إنّ العقوبات الّتي تُضطرّ المافيا إلى إصْدارها رغم
أنفها (إيداعُ التّقرير في مكتب الضّبط أوْ إرسالُه بالبريد المضمون الوصول) تُشطَبُ
بقدرة قادرٍ من بطاقة أعداد التّلميذ ومن دفتره السّنويّ ومن ملفّه المدرسيّ.
ولأنّ التّواطؤَ المافيوزيَّ شرطٌ لا بدَّ منه، تضمحلُّ جميعُ القرائن الدّالّة
على عمليّات التّزوير.
في السّنة الماضية أحَلْتُ ثلاثةَ تلاميذ من نفس القسمِ-العصابةِ على مجلس التّربية بعدَ أن أرسلتُ التّقاريرَ في إرساليّات مضمونة
الوصول وأضربتُ عن تدريس ذاك القسم إلى حين تنفيذ الإحالة (أحدُهم شتمني
في ساحة المعهد أمام والدته وقيّمة، وكان المفروضُ قانونا أن يُرفتَ نهائيّا لأنّه
سبق أن أُحيلَ على مجلس التّربية في نفس السّنة الدّراسيّة). اِختفتْ
جميعُ العقوبات من بطاقات أعدادهم ومن دفاترهم المدرسيّة. لكن حضرتْ العقوباتُ
الّتي أسندَها أساتذةٌ آخرون لتلاميذ آخرين من القسم نفسه.
حتّى لا يبقى تحليلي نظريّا أنشرُ لكمْ نموذجا على إنجازات
'مجلس التّربية':
تقريرٌ كتبتُه في أحد التّلاميذ، نال عقوبةَ الرّفت بعشرة أيّام لا غيرَ (لم تُنزَّل
العقوبةُ في دفتر المناداة إلى الآن رغم أنّه استأنف الدّراسة، والأكيدُ أنّها
ستتبخّرُ من ملفّه الدّراسيّ بفضل الأيدي النّاعمة الخفيّة):
هكذا يكونُ الصّراعُ مع المنجسِ العديمِ التّربية
..........................................................................................
تونس في: 2016.02.07
d تقريــــــــــــــــــــــــــــــــــــر c
إلى السّيّد مدير معهد "قرطاج
حنّبعل"، المندوبيّة الجهويّة للتّربية تونس 1،
تحيّة تربويّة،
إنّي الممضيةَ أسفله: أستاذة العربيّة، فوزيّة الشّطّي، المباشِرة بالمعهد
المذكور،
أكتبُ إليكمْ هذا التّقريرَ في شأن التّلميذِ "م.ع.ش" المرسَّم بالقسم "2 اقتصاد".
أمّا الأسبابُ فهي التّالية:
-
يومَ الخميس [2016.02.03] أدرّس هذا القسمَ في حصّة مسائيّة مزدوجة [من 14 إلى 16] في القاعة
عدد [07]. وكان
الدّرسُ شرحَ نصّ نستعمل فيه الكرّاسَ وكتابَ النّصوص. وجاء التّلميذُ المذكور
متأخّرا وبلا كتاب، كالعادة، مدّعيا أنّه "نسيَه". ولأهـمّيّة ذاك
الدّرس، قبلتُ استثنائيّا وجودَه في القسم بلا كتابٍ بعد أن التزمتُ له ولغيره
بأنّي لن أقبلَ مستقبلا أيَّ تلميذ يتهاون في أدواتِ المادّة.
-
اختارَ بنفسه آخرَ طاولة، وجلس بجانب التّلميذ "ي.د". وبدآ
تعطيلَ الدّرس بالعبثَ والضّحكَ والتّعليقات السّاخرة على ما يحدثُ في القاعة.
فأمرتُ "م.ع.ش" بالانتقال إلى الطّاولة الأولى. تَباطأ
بشكلٍ استفزازيّ. ولم يمتثلْ إلاّ بعد أن خيّرتُه بين الانتقال إلى المقعد
المحدَّد أو الاقصاء.
-
نبّهتُه ثلاثَ مرّات على الأقلّ بالقول: «أَحْسِنْ
جِلْسَتَكَ» و«اكْتُبْ دَرْسَكَ». هذا لأنّه يجلس مُستلقيا واضعا إحدى رِجلَيْه على الكرسيّ المجاور وهو لا يكتبُ شيئا
ما دُمتُ لا أنظرُ إليه. مع ذلك لم يكفَّ عن السّلوك الفوضويّ: يضحكُ بلا سبب،
ينادي بعضَ زملائه بصوتٍ عال، يتبادلُ النّكات مع أبعد التّلاميذ عن مقعده،
يقاطعني في كلّ حين ليسألني عن أمر فسّرتُه للتّوّ...
-
عندما أمرتُ التّلميذَ "ع.بن.ب" بالانتقال هو أيضا من مكانه إلى
طاولة قريبة منّي بسبب الإفراط في التّشويش، قامَ "م.ع.ش" من مكانه دون إذنٍ، ودعَا زميلَه للجلوس حذوَه قائلا: "إِيجَا بَـحْذَا
خُوكْ". فنهرتُه عن التّدخّل بيني وبين باقي التّلاميذ وقلتُ له: «اِلزمْ مكانَك. أنَا مَن يُحدّدَ مقاعدَ التّلاميذ لا
أنتَ». فصرخَ في وجهي محتجّا بلهجةٍ عدائيّة، أذكرُ ممّا قال:
«آشبيكْ تعيِّطْ عليَّ! مَانِيشْ قَاعِدْ! مَلاَّ
حْكَايَه!...».
-
أمرتُه بجمعِ
أدواته استعدادًا لمغادرة القاعة. فجاءني ضاربًا طاولتي بجُمْعِ يده قائلاً لي
حرفيّا: «ما نِيشْ خَارِجْ! آشْبِيكْ، يَا بِنْتِـي، تْـخَرِّجْ فِـيَّ؟!». ولـمّا
أخرجْتُ من حقيبتي بطاقةَ الإقصاء لتعميرها، انقضَّ عليها محاولا افتكاكَها مِن
بين يديَّ باستعمال العنف الماديّ. فسحبتُها إليّ. ثمّ طلبتُ من إحدى التّلميذات
أن تناديَ قيّما لإخراج هذا المعتدِي. فكّر قليلا وهو ما يزال واقفا قُدّامَ
طاولتي مباشرةً. ثمّ قال متحدِّيا ومستهينا: «هَا تَوْ نِـمْشِيلُو آنا بِيدِي هَا
القَيِّمْ! هَا تَوْ نِتْفَاهْمُوا فِيهَا!».
-
غادرَ القاعةَ
بعد أن جمعَ أدواته بعنف وصَفَقَ البابَ بعنفٍ أشدَّ وتمتمَ بكلامٍ غاضب لم
أتبَّيَنْهُ.
إنّ سلوكَ هذا التّلميذ الهزيل جدّا من حيثُ المستوى العلميّ، يزدادُ سوءا
يوما بعد يوم. ولمْ تنفعْ معه عقوبةُ الإقصاء. فمنْ بداية العام الدّراسيّ إلى
الآن: هو يستهترُ بجميع دروس المادّة، يتهاونُ في جلب الأدوات اللاّزمة للعمل،
يُعطِّل السّيرَ الطّبيعيّ للدّرس عن سبْقِ الإضمار، يتعمّدُ استفزازيّ وإهانتي بتدخّلات
لا محلَّ لها من الإعراب، يستغلُّ كلَّ تسامح أو تنازل ليتمادَى في غيِّه.
على هذا الأساس أتمسّك بحقّي القانونيّ في إحالة التّلميذ "م.ع.ش" على مجلس التّربية كيْ ينالَ العقوبةَ التّأديبيّة الّتي يستحقّها قانونا بسببِ: استعمالِ
العنف اللّفظيّ والشّروعِ في استعمال العنف الماديّ ضدّي، أنا أستاذةَ العربيّة،
أثناءَ أدائي لعملي في قاعةِ الدّرس وأمام أنظار التّلاميذ.
والسّــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
أستاذة العربيّة: فوزيّة الشّطّي
الإمضاء
..........................................................................................
بعد صدور قرار الرّفت أضرب تلاميذُ هذا القسم عن درس العربيّة ليومٍ واحد تضامنا
مع هذا المعتدِي.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2016.05.05
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق