إلى الرّأي العامّ التّربويّ التّونسيّ: الفصلُ السّادسُ
المدرسةُ في قبضة الدّواعش
اِخترتُ
أن أنشرَ هذه العريضةَ حتّى أبيّنَ أنَّ ما يحدثُ معي في مؤسّستي المنكوبة ليس صدفةً
محضا أو سُوءَ حظٍّ. إنّما هو صورةٌ من التّنكيلِ الـمُمَنهَج المدروس بكلّ مَن
تُسوّلُ له نفسُه الماردةُ الخروجَ عن المافيات الحاكمة بالمدرسة التّونسيّة
العموميّة. وسأستعمِلُ مصطلحَ 'الدّواعش' لأنّه، حسْب رأيِي، الأعمقُ دلالةً على 'الجريمة الجماعيّة المنظّمة' الّتي يتحالفُ فيها 'اللاّبسون
قناعَ النّضال' مع 'الرّاسخِين
في الفساد الإداريّ' تحالُفا استراتيجيّا
مصيريّا نفعيّا يُسكِتُ أصواتَ الـمُحتجّين ويُلجِمُ ألسنةَ القطيعِ الجبانِ. ذاك
التّحالفُ الّذي لا يُبْقِي أثرا يُذكَرُ للجرائمِ المهنيّة مِنْ عنفٍ وتحريشٍ وتزوير
وتطاوُلٍ على القوانين التّأديبيّة...
أمّا
'الزّميلُ'
الـمُعتدِي فهو تجمّعيٌّ حتّى النّخاعِ. سرعانَ ما أعلنَ ولاءَه للفرع التّونسيّ مِن
'التّنظيم العالميّ للإخوان المسلمين' بُعيْدَ '14
جانفي 2011' اِنتهازا للفرصة المواتية واِنحيازا
للأقوَى وثأرا لنفسِه المريضة من 'الإناث' اللاّتي يُذكِّرْنَه دوما بأنّه 'النّاقصُ عقلا ودينا وخُلُقا وإنسانيّة'. ويَبدُو أنّه كُلِّفَ بمحاصرتي لِمنعي مِن التّأثير،
ولو بكلمة حقٍّ، في محيطِ العمل.
وأمّا
إصراري على مقاضاته فلأنّي واثقةٌ مِن أنّه لا يعمل مِنْ تِلقاء نفسِه خاصّة إذا
علِمْنا أنّه 'جارٌ حميمٌ' لما يُسمَّى 'روابط
حماية الدّواعش: فرع الكرم' الّذي بزَّ أقرانَه وذاعَ صيتُه في البلاد. ثمّ
إنّ إسكاتَ الخصوم بالجدالِ العُدوانيّ العقيم كان 'مهمّةً
داعشيّة رسميّة' تمَّ تدريبُ آلافِ التّابعين
على أدائِها في أماكنِ العمل وفي وسائل النّقل وفي المسيرات الاحتجاجيّة أو
الاحتفاليّة وحتّى في العالم الافتراضيّ... هي فصلٌ من الحرب النّفسيّة، الغايةُ
منها الإيهامُ بالحتميّة السّياسيّة التّالية:
«نحنُ الحاكِمُونَ حيثُما وَلّيْتُمْ وُجوهَكمْ»! أو: «وراءَكمْ،
والزّمنُ طويلٌ»!!!
ä
مِنْ حسنِ الحظّ تعامل السّيّدُ وكيلُ الجمهوريّة ومركزُ الأمن بجدّيّة
تامّة مع شكواي. وسُجِّل في شأن 'ر.ف'
محضرٌ 'كتّفَه تكتيفا'
مانِعا إيّاه مِن تنفيذ تهديداته.
· · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · · ·
تونس: 2011.10.29
عريضة
إلى السّـيّد وكيل الجمهوريّة لدى المحكمة الابتدائيّة [·]
بعد التّحيّة و السّلام،
إنّي الممضية أسفله: فوزيّة
الشّـطّي، صاحبة بطاقة التّعريف الوطنيّة رقم [·]
أستاذة العربيّة بمعهد 'ق.د' التّابع للمندوبيّة الجهويّة [·]
أكتبُ إليكم هذه العريضةَ في شأن
السّـيّد 'ر.ف' أستاذ
[·] في نفس المعهد المذكور أعلاه. والأسبابُ
هي التّالية:
- عندما بدأ موسِمُ الحجّ فاجأني السّيّدُ 'ر.ف' بالقول: «بِما أنّك تابعةٌ 'للهيئة العليا المستقلّة للانتخابات' فسِّري لي سببَ حرمانكم الحجيجَ من حقِّ الاقتراع.
أليس هذا لأنّهم يخافون اللّه وسينتخبون 'النّهضةَ' حتما؟ إذنْ
فإنّ إقصاءَهم هو مؤامرة ضدَّ الحركة الإسلاميّة». فأجبتُ: «الهيئةُ الّتي لم أنتمِ إليها
يوما لا مِن قريب ولا مِن بعيد هي المطالَبة بإعطاءكَ الجوابَ، لا أنا». لقد خلَط بين أن كوني تلقّيتُ تكوينا لمهمّة 'ملاحظ وطنيّ'
للانتخابات وبين أن يكون الشّخصُ عضوا في الهيئة. وهما أمران لا يلتقيان. وكان
سؤالُه هجوما لا استفسارا.
- قبل انتخابات 'المجلس الوطنيّ
التّأسيسيّ' بيومين تقريبا تحاورتُ في 'قاعة الأساتذة'
مع بعض الزّميلات حول من ستنتخب كلٌّ منّا. وقلتُ وقتها:
«يُرجَّح
أنّ منصف المرزوقي صاحب 'المؤتمر من أجل
الجمهوريّة' متحالفٌ مع حركة 'النّهضة' حتّى
قبل عودته إلى تونس». فصاح بي 'ر.ف' بكلّ عنفٍ وهو يرفع يده محتجّا: «المرزوقي ملحدٌ كافر لا يمكن أن
يتحالفَ مع النّهضة». أقحَم نفسَه في حوار لم يكنْ طرفا فيه، وكان بعيدا
عنّا في المكان. تعمّدتُ ألاّ أجيبه لأنّ التّحاورَ مع 'التّكفيريّين' هو انتحارٌ للعقل.
- يومَ الأربعاء [2011.10.26] في استراحةِ العاشرة صباحا، جئتُ 'قاعةَ الأساتذة'
متأخّرة. فجلستُ في المقعد الوحيد الشّاغر الّذي كان بجوار 'ر.ف'. قالت أستاذةُ [·] مازحةً: «في السّنةِ الدّراسيّة المقبلة
سنجد معهد 'ق.د' للبنات
ومعهد 'ق.ر' للأولاد»، في إشارةٍ إلى إمكانيّة أن تقرِّر 'النّهضةُ'
مبدأَ الفصل بين الجنسين في المؤسّسات التّعليميّة. فأجبتُها: «هذا الأمرُ مطروحٌ للمناقشةِ والتّصويت في بعض
المواقع الإلكترونيّة». فاستدار 'ر.ف' نحوي صارخا بأعلى صوتٍ رافعا يديْه في
وجهي قائلا: «هات
دليلك!».
قلتُ: «الدّليل
في الأنترنت، اِبحثْ عنه بنفسك. الحاسوبُ هناك غير بعيد عنك. هل عليَّ أن أجيئكَ
به؟!».
زاد
صراخُه وهو يقول: «اِحترمي نفسك، وخلّيكْ مسؤولة على كلامك».
قلتُ: «أنا
مسؤولة دائما على أقوالي وأفعالي. ثمّ إنّي أحدّث زميلتي، ولستُ أحدّثك. عندما
تمتنعُ هي عن محادثتي سأنسحبُ من الحوار».
فقال بنفسِ الأسلوب العنيف مُقرّبا
يديْه أكثر من وجهي: «آشبيك ما تحكيش معايا؟
آخي متعاركه معاي ولاّ شبيك؟ كي نكلّمك جاوبني من باب التُّربية». وقال كلاما آخر لستُ أذكره الآنَ.
قلتُ أكلّمُ باقي الزّملاء: «هذا الشّخص منذ ما قبل الثّورة، يترصّدُ كلَّ كلمة
أقولها ليهاجمني حتّى وهو لا يعرف موضوعَ الحديث ولا يفهم حقيقةَ ما قلتُ. يُقحِم
نفسَه في كلّ حديث لي مع أيّ زميل أو زميلة، يتعمّد تخطئتي حتّى لو تحدّثتُ عن
الطّقس، يفعلُ هذا صارخا متوّهما أنّه بذلك يُفحِمني ويُعجِّزني. والحالُ أنّي
أتفاداه. وكلّما تفاديْتُه صعّدَ لهجتَه وزاد حقدُه على شخصي».
ثمّ وجّهتُ له الخطابَ: «عندما تُمسك السّلطةَ ضعْ "كمّامة" على
فمي. في انتظار ذلك سأتكلّمُ كما كنتُ أفعل زمنَ 'بن
عليّ'. ولن تقمعني لا أنتَ ولا غيرُك».
هاجَ أكثر مدّعيا أنّي 'أتّهمه'
بالانتماء إلى 'النّهضة' كما لو أنّ الأمرَ تهمةٌ. ورفع يديْه في وجهي.
فقلتُ له: «أبعِدْ يديك عن وجهي أوّلا. والزمْ حدَّك، يا هذا.
أقول لك 'يا هذا'
لأنّك لا تستحقّ كلمةَ 'زميل'». وغادرتُ 'قاعةَ
الأساتذة' قبل انتهاء الرّاحة تجنّبا لمزيد
التّصعيد.
- في منتصف النّهار تحدّث معي
زميلان عن الأمر في محاولة للتّهدئة وطيّ الصّفحة. ممّا قلتُ لهما: «مِن حقّي أن أدخل 'قاعةَ
الأساتذة' وأن أتحدّث فيها مع مَن أشاء. وذاك
الشّخصُ يستفزّني على الدّوام ويقف لي كالشّوكة في الحلق. ما حدث ليس مجرّد سوءَ
تفاهم. ذاك طبعُه الّذي لن يتغيّر فيه شيءٌ. ثمّ إنّ الجبانَ الّذي يُخفي وجهَه
كلَّ يوم إضرابٍ وراءَ شهادة طبّـيّة متفاخِرا دوما بأنّه 'مناضل نقابيّ'، ليس جديرا
بأنّ يُعلّمني مبادئَ النّضال ولا آدابَ الحوار».
ورفضتُ مصالحةً أعتبرها وهميّة غايتُه منها أن يتمادى في استفزازي وإهانتي.
- يومَ الجمعة [2011.10.28]
أنهيتُ العملَ في [11]
صباحا. فدخلتُ قاعةَ الأساتذة حيث كان 'ر.ف' يتحدّث مع الأستاذة
[·]. تعمّدتُ أن أتجاهلَ وجودَه تجاهلا
تامّا، وجلستُ في أبعد مكانٍ عنه مُنشغلةً
بتعمير 'كرّاس النّصوص'. اِلتحقتْ الزّميلةُ بقسمها، وأغلقت البابَ وراءها. بدأتُ أسمعُ
تمتمةً، فتخيّلتُ أنّ 'ر.ف' يتحدّث في هاتفه الجوّال. ولم أُعره أيَّ انتباهٍ. فوقف، واتّجه
نحو خزانته الّتي تقابلني تماما متظاهِرا بأنّه يُحاول فتحَها. والتّمتمةُ غيرُ المفهومةِ
متواصلةٌ. عندها أدركتُ أنّه يكلّمني بصوتٍ خَفِيضٍ جدّا كي لا يسمعه عاملُ 'المشرب' الّذي
تفتحُ نافذتُه على قاعتنا. فنظرتُ إليه، وأصختُ السّمعَ لأستوعبَ ما يقول. وممّا
بلغني من كلامه الكثير: «...
يا واطِية، واللّه ألاَّ ما نعاودْ نربّيك من جديدْ على كلّ كلمة قلتها فيَّ»، قال هذا وهو يَعقدُ بين إبهامه وسبّابته من
يده اليُمنى في حركةِ تهديدٍ والشّررُ يتطايرُ من عينيْه، بينما أمسك المفتاحَ
بيده اليُسرى حتّى إذا دخل أحدٌ فجأةً وجده مشغولا بفتحِ الخزانة لا غيرَ!
فقلتُ له حرفيّا بصوتٍ مسموعٍ عمدا: «كِي تكون راجلْ هدّدْني أمام
النّاس وعلِّي صوتك شويّة». فاقترب من مكاني
بضعَ خطواتٍ في هيأة تهديدٍ بالاعتداء المادّي.
في تلك الأثناءَ دخل الأستاذُ [·].
فصرخ 'ر.ف' في وجهي بأعلى صوته قائلا: «أنا ما نِيشْ راجل؟! خلّيكْ
مسؤولة على كلامك، برِّي عدِّي على روحك، برِّي داوِي مخّك». واستنجدَ بالزّميل قائلا: «اِشهدْ
عليها، إنّها تقول لي 'ماكش راجل'». سرعان ما مثَّل دورَ الضّحيّة والحالُ أنّه
المعتدِي بالقول وبالفعل.
فأجبتُه: «هذا ما قلتَه أنتَ عن نفسك. أنا مسؤولة دائما عن
كلامي لأنّي أقوله جَهارا أمام النّاس. خلِّيك أنت مسؤولا عن تهديدك الجبان لي». وأعلمتُه بأنّي سأشكوه إلى الشّرطة لأنّ مجرّد
تقرير إلى 'المندوبيّة الجهويّة للتّريبة' لا ينفعُ مع سلوكه الإجراميّ الغادرِ. رويتُ للأستاذ
[·]
ما حدثَ. وطلبتُ منه أن يشهدَ بما رأى.
- 'ر.ف' لم
يكن يوما مناضلا سياسيّا. إنّما يعود 'تعاطفُه' المفاجِئ مع حركة 'النّهضة' إلى كونه أدرك أنّها الأقوى بين الأحزاب، وهو
نفعيٌّ يقفُ دائما في صفِّ الأقوى. ثمّ إنّه شخصٌ دَعِيٌّ يدّعي ما ليس فيه
ويتظاهر بنقيض ما يُخفيه. لذا كلُّ كلامٍ بسيطٍ واضح متّزِن صادر عنّي أو عن غيري
يُفقِده صوابَه. فيحاول سدَّ النّقص الفادح في تركيبته النّفسيّة والذّهنيّة
بالصّوتِ الْمُجَعجِع واليدِ الْمُهدِّدة. يعلو صُراخُه في قاعةَ الأساتذة خاصّةً
مع النّساء، وأنا أوّلهنّ، ومع منْ يستضعِفُهم من الرّجال. في المقابل تلينُ
لهجتُه ويرقُّ صوتُه مع مَنْ لا يقدر على مجرّد مخالفتهم الرّأيَ.
سيّدي وكيل الجمهوريّة،
أنا
على يقين مِن جدّيّة التّهديد الّذي وجّهه إليّ السّـيّدُ 'ر.ف' الّذي لا يردعُه رادعٌ أخلاقيّ. فهو
من صنف الأساتذة الّذين يُقدّمون 'الدّروسَ
الخصوصيّة'. وأغلبُ هؤلاء، حاشا مَن لا
يستحقّ، تربطهم علاقاتٌ وثيقة جدّا مع التّلاميذِ 'الحرفاءِ' ومع أوليائهم أيضا. لذا يستطيعُ أنْ يشتريَ ذمّةَ
أيِّ تلميذ بعددٍ إضافيّ مقابل أن يعتديَ عليَّ بكلّ الوسائل المتاحة. ثمّ
إنّه عضو قارّ في 'مجلس التّربية' بمعهدنا. وهذا يمنحه سلطةً إضافيّة بها يُساهم في
تبرئةِ مَن يشاء مِن التّلاميذ الْمُحالينَ على المجلس. ويستطيع أيضا، لكونه ابنَ المنطقة
ويعرف أهلها، أن يُحرّشَ عليَّ بعضَ المنحرفين لينتقموا له بمقابل مّا.
بناءً على ما سلف أُحمِّل 'ر.ف' مسؤوليّةَ أيِّ اعتداء لفظيّ ومادّي
ضدّي أو ضدّ سيّارتي، داخلَ الحرم التّربويّ أو في الشّارع أو في مقرّ سكنايَ،
لأنّه سيُحاول إبعادَ الشّبهةِ عنه بإبعاد مكانِ الاعتداء. عندي بعضُ الخصومات في
العمل [أهمّها مع المديرة]، لكن ليس عندي عداواتٌ على حدِّ
علمِي.
و السّــــــــــــــــــــــــلام
ثقتي في عدالتكم و نزاهتكم لا تشوبها
شائبةٌ
فوزيّة الشّـطّي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق