إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011-12-29

رثاء


رِثَـاءٌ
 أنا لا أبكيكَ. إنّي أرثِي نفسي كما لم ترثِ الخنساءُ صخرا. وإنْ كان رثاءُ الأمواتِ ترحُّما شقِيّا على أرواحٍ استراحتْ في تربةٍ مّا فوأدتْ إلى الأبدِ الأملَ في لُقياها أو استعادتِها، فإنّ رثاءَ الأحياءِ أمرُّ مَذاقا وأجهَدُ لِلّغة... إنّه مزيجٌ من اللّوعةِ الواقعةِ ومن الرّجاءِ الخجُول. بل هو أشبهُ ما يكون بيائسٍ يشربُ كأسَ السُّمّ بيدٍ مرتعِشة راجِيا، إذ يتجرّعُ الموتَ، ألاّ يفعلَ فيه السّمُّ فعلَه في غيرِه. أو هو الغريقُ، لأنّه يجهلُ فنَّ العومِ يمضِي قُدُما إلى مُستقَرِّه الحتميِّ دون أن يكُفَّ عن خبْطِ التّيّارِ بذراعيْن منهوكتيْن تُجاهِدان لمعانقةِ سماءٍ قلَبتْ ظهرَ الْمِجنِّ وتبسّمتْ لصورتِها الرّاقصة على ظهْرِ الموجِ الْمُختال.
فوزيّـة الشّـطّي
تونس: 2000.03.09

ليست هناك تعليقات: