طُقوسٌ بِنْعلَويّـةٌ
أبدتْ أحزابُ "ثلاثي الأثافي" لهفةً على السّلطة وعلى اقتسام غنائم الثّورة بأسلوبِ محاصصةٍ أعاد إلى الأذهان احتكارَ العصابة «الطّرابلسيّة والبنْعلويّة» لخيرات البلاد ودمِ العباد. حتّى إنّي أكاد أجزِم بأنّنا سنحتاج قريبا ثورةً ثانية للإطاحة بحكومة: "ضحايا الأمس - سادةِ اليوم - طغاةِ الغد".
وإذا استحضرْنا ازدواجيّةَ خطابِ الفائز الأوّل وتبجّحَه المفرَط بكونه المتكلّمَ الأوحد على لسان صندوق الاقتراع حتّى كأنْ لا وجودَ لمن لم ينتخبْه لا في الوطن ولا في جنّات الخلد، واستحضرْنا إصرارَ الفائز الثّاني على عدم الالتزام بفترة العام سيرا على خُطى جماهير الملاعب "رابحون أو خاسرون ما نحن راحلون"، وتوعّدَه إيّانا بالتّرشّح للرّئاسة منذ حلولِه بالمطار وقبل أن يترحّمَ على الشّهداء الأحياءِ منهم والأموات، واستحضرنا انبتاتَ الفائز الثّالث عن عائلته الحداثـيّة التّقدّميّة وحرصَه على التهام ما تيسّر من فُتاتِ المناصب السّياسيّة... إذا استحضرْنا كلّ هذا أدركنا أنّ ثورتَنا مغدورةٌ مرّتيْن:
- غدَرها أوّلا النّاخبُ الصّامتُ والمجاهِرُ بصوتٍ لا يرقى إلى الأهدافِ الثّوريّةِ الحقِّ،
- وغدَرها ثانيا ساسةٌ لم يزدْهم "نضالُهم" السّابق إلاّ إدمانا على عشْق العرش الّذي حُرموا من احتلاله. كأنّما لم يحاربوا الاستبدادَ، إنّما حاربوا مَن استبدَّ بالسّلطان دونَهم.
أمّا الثّورةُ فقد سُحب البساطُ من تحت أقدامها المتثاقلة والتفّتِ الأيادي العابثةُ حول عنقها الغضِّ وانقلبتْ أحلامُها أوهاما تُجنِّح ولا تحطّ على أرضنا المبارَكة. لكنّ ميدانَ التّحرير القاهريَّ يبعث إلينا رسائل مشفّرةَ العلامةِ صريحةَ الدّلالةِ، أهمّها: «الشّعبُ يريد صباحا مساء ويومَ الأحدْ إسقاطَ كلّ فاسد مستبدْ».
فوزيّـة الشّـطّي
تونس: 2011.11.22
هناك تعليق واحد:
لم أكنْ واهمة عندما قلتُ: نحتاج ثورة ثانية ضدّ تغوّل الثّالوث المستبدّ بالسّلطان.
إرسال تعليق