إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2019-07-29

مقال: لا للحكمِ العسكريّ أيّا تكنْ أقنعتُه



لا للحكمِ العسكريّ أيّا تكنْ أقنعتُه
بمجرّد أن تُوفّي الرّئيسُ التّونسيّ 'الباجي قائد السّبسي' يومَ [2019.07.25]، تعالتْ في الفضاء الافتراضيّ بعضُ الأصوات داعيةً إلى ترشيحِ وزير الدّفاع الوطنيّ الحاليّ 'عبد الكريم الزّبيدي' للانتخابات الرّئاسيّة المقرّرة يومَ [2019.09.15]. حجّةُ هؤلاء أنّ الوزير المذكور قد أبلى البلاءَ الحسن في تنظيم جنازة الرّئيس الرّاحل.
أمّا اعتراضي على هذه الدّعوة الخطيرة، حسْب تقديري، فيتلخّصُ في ما يلي:
حتّى لو كان وزيرُ الدّفاع مدنيّا فإنّ حيازتَه منصبَه هذا جعلتْه «عسكريّا». مِن المؤكّد أنّه تمرّس بالشّأن العسكريّ وربط علاقاتٍ متينةً داخل هذه المؤسّسة الّتي حُيِّدت منذ الاستقلال عن الشّأن السّياسيّ. وكان هذا التّحييدُ مِن أجلِّ إنجازات الزّعيم الرّاحل 'الحبيب بورقيبة' الّتي سار على هديِها الجنرالُ 'زين العابدين بن عليّ' بعد «انقلابه الأبيض» في [1987.11.07].
ثمّ إنّ محاولات «عسكرة النّظام» في تونس منذ انطلاقِ الانتفاضة المغدورة [ديسمبر 2010 - جانفي 2011] مع الجنرال 'رشيد عمّار' الّذي أفسدَ الأمنُ الرّئاسيّ خطّتَه، لم تتوقّف أبدا. إذ كلّما سادتِ الاحتجاجاتُ السّلميّة والفوضويّة أو العمليّاتُ الإرهابيّة والإجراميّة، نسمع مَن يدعو الجيشَ إلى «تسلّم السّلطة» كما لو كانتْ السّلطةُ التّنفيذيّة هديّةً مباحة تُوهَب لـمَن أحسن أداءَ واجبه أو كأنّ أداءَ الواجب المهنيّ والوطنيّ مزيّةٌ يستحقّ فاعلُها مكافأةً مرموقة. والمطالبةُ الآن بترئيسِ وزير الدّفاع الوطنيّ هي، على الأرجح، خطّةٌ مرنة خبيثة لعسكرةِ النّظام السّياسيّ في تونس دون اللّجوء إلى انقلابٍ دمويّ صادم يثير عداوةَ الدّاخل والخارج.
وإن كان الرّئيسُ 'السّبسي' قد أوصى (حسْب ما يدّعي أصحابُ هذه الدّعوة) بأن يتولّى وزيرُ الدّفاع منصبَه، فإنّ هذه الوصيّةَ المفترَضة لا تُلزم الشّعبَ التّونسيّ في شيء، خاصّة وأنّ الرّاحلَ قد عقدَ الصّفقات مع الفرع التّونسيّ لتنظيم 'الإخوان المسلمين' ضمانا لمصالحِ العائلة وعلى حساب المصلحة الوطنيّة. فهل سيكون حسُّه الوطنيّ وهو في دار البقاء أضخمَ مـمّا كان وهو في دار الفناء؟! لِماذا لم يقرأْ للمصلحةِ الوطنيّة حسابا عندما وضعَ يدَه في يد 'راشد الغنّوشي' وعقد معه صفقةَ تقاسمِ غنيمة السّلطة في لقاء باريس يومَ [2013.08.15] مُتعمِّدا إيهامَ النّاخبين بأنّ حزبَه 'نداء تونس' خصمٌ لدود لـ'حزب حركة النّهضة' رافعا شعارَ «مَن لم ينتخبْني فقد انتخبَ النّهضة»؟! ما الخطواتُ العملاقةُ الّتي حقّقها التّحالفُ اليمينيّ (اللّبيراليّ-الإخوانيّ) منذ فوزه في انتخابات [2014.10.26]؟! هل جادَ علينا بشيءٍ عدا استفحالَ الدّمار الاقتصاديّ والاجتماعيّ والسّياسيّ؟!
صحيحٌ أنّ المؤسّسة العسكريّة التّونسيّة قد حافظتْ منذ تأسيسها على صورةٍ نقيّة مشرقة وعلى تصالح نفسيّ مع عموم المواطنين، باستثناء بعض الأحداث العنيفة الّتي دُعي فيها الجيشُ إلى فرض الأمن بقوّة السّلاح كانتفاضة الخبز في [1984.01.03]. لكنّ دُعاةَ العسكرة يتعمّدون أن يتناسوْا أنّ هذه الصّورة الإيجابيّة كانت، أوّلا وأخيرا، بفضل تحييد الجيش عن السّلطة. ولو تلوّثتْ أيدي القوّات الحاملة للسّلاح بالسّلطة السّياسيّة لاحتلّتْ في نفوس أبناء الشّعب منزلةَ 'العدوِّ القمعيّ رقم 1'. هذا التّناسي مقصودٌ يُراد به استغفالُ أغلبيّة النّاخبين وإيهامُهم بأنّ مؤسّستَنا العسكريّة حالةٌ استثنائيّة غيرُ قابلة للإفساد ولا لارتكاب أشنع أنواع الاستبداد. وهذا وهمٌ محضٌ.
إنّ السّلطةَ، تنفيذيّةً كانت أو قضائيّة أو تشريعيّة، سلاحٌ معنويّ قهّار. فكيف يكون الحالُ لو التحمتْ بسلطةِ السّلاح الفعليّ؟! وإذا تعلّل بعضُهم بأنّ 'إنقاذ الوطن' أولويّةٌ قُصوى ولو على حساب الحقوق والحرّيّات، قلنا: لا أملَ في هذا العصرِ الاستعماريّ المكثّف في حدثٍ وطنيّ مِن فصيلة 'ثورة الضّبّاط الأحرار' المصريّة [1952.07.23]. لذا تبقى الجمهوريّةُ المدنيّة القِبْلةَ الوحيدةَ المتاحة قدّامنا.
اِحذروا هذه الدّعوات، الحالمةَ السّاذجة أحيانا والملغومةَ المأجورة غالبا، الّتي تستغلّ مشاعرَ البسطاء لتجعلَ النّجاحَ في تنظيمِ جنازة وطنيّة برهانا قاطعا على «الكفاءة السّياسيّة». فقيادةُ جنازة، مهما علا شأنُ صاحبها، ليستْ بحجمِ قيادة دولةٍ تعيش مسارا ديمقراطيّا متعثّرا شائكا معرقَلا.
إنّ في التّاريخ لَعبرٌ لـمَن يعتبر: إنِ استحوذ العسكرُ، أيُّ عسكرٍ كان، على السّلطة السّياسيّة فلن يتخلّى عنها إلاّ بسيول مِن الدّم الحرام السّفيح.
-   لم نُصارعْ العصابةَ الإخوانيّة المدعومة استعماريّا كيْ نُسْلمَ القيادَ للقوّات الحاملة للسّلاح.
-   لم نفلتْ مِن قبضة الدّولة البوليسيّة المافيوزيّة كي نقعَ في فخّ الفاشيّة العسكريّة.
-   تونسُ جمهوريّةٌ مدنيّة أمسِ واليومَ وغدا. لم تكنِ، ولن تكونَ، يوما عسكريّةً أو إخوانيّة.
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2019.07.29



هناك 13 تعليقًا:

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

ليس صدفةً أنّ الجوقةَ الّتي تمجّد الجنرالَ الفاشيّ العميل الّذي باعَ مصرَ لصندوق النّهب الدّوليّ ولمشروع "إسرائيل الكبرى" هي نفسُها الّتي تُبشّرنا بأنّ الحكم العسكريّ هو "المنقذ الوحيد" لتونس مِن قبضة الدّواعش... والحالُ أنّ الإخوان المسلمين مجرّدُ جزء مِن المشكل وليسوا كلَّ المشكل كما يحاول أن يوهمَنا بذلك مرتزقةُ أنظمة الفساد والاستبداد.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

هل يعرف المكلَّفون بمهمّة التّسويق للفاشيّة العسكريّة "الوطنيّة جدّااااا"، حسْب زعمهم، أنّ "منقذَهم مِن الضّلال" هو المرشّحُ الّذي توافق عليه شقّا اليمين (الدّاعشيّ والمافيوزيّ) فيما يشبه اجتماعَ باريس 2013.08.15 لأهداف بعيدة المدى، أهمّها حمايةُ الأبله والإرهابيّين والمتهرّبين مِن كلّ محاسبة قضائيّة أو شعبيّة أو سياسيّة؟؟؟
أنا واثقة أنّهم يعرفون... لكنّهم يتفانون في أداء "واجبهم الإشهاريّ" بجهد جهيد وبضمير حيّ.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

السّيسي ارتكب الخدعة نفسَها بل تعهّد جهارا بعد انقلابه على نظام الإخوان بأنّه لن يترشّح للرّئاسة. وها هو قد صار رئيسا مدى الحياة بانتخابات فاشيّة مزوّرة.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

إلى دُعاة الفاشيّة العسكريّة:
إذا كان مرشّحُكم "المنقذُ مِن الضّلال" على هذا القدر مِن الحنكة والوطنيّة والأمانة، فكيف استطاعَ العملَ والتّعايشَ والتّنسيقَ مع "حمّادي تفجيرات" و"عليّ رشّ" و"سارق المليار" وباقي عناصر الجوقة التّرويكيّة؟؟؟ ألم تُخوّنوا مَن انخرط في تلك العصابة الحكوميّة يمينا كان أو يسارا؟؟؟ أليس الكيلُ بمكياليْن مِن ثوابت المنافقين والانتهازيّين والمأجورين؟؟؟

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

أبواقٌ محترفة: أغلبُ مَن انتصر لـ "عميل النّاتو" في انتخابات 2014، يساند الآن وزيرَ الدّفاع "مرشّح السّيستام" في انتخابات 2019.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

لِـمَ حمّة الهمّامي أفضلُ المترشّحين؟
أكثرُ ما يعجبني في حمّة الهمّامي أنّه لا يعتبر نفسَه "ضحيّة" تستحقّ الشّفقة والتّعويض والاعتراف بالجميل. هذا لأنّه يتحمّل مسؤوليّة أفعاله ومواقفه مذْ صار طالبا في سنته الأولى. وهو يؤمن بأنّ ما قام به مِن معارضة سياسيّة طيلة نصف قرن هي خيارٌ شخصيّ وواجبٌ مواطَنيّ لم يفرضْه عليه أحدٌ... بيد أنّ جزءا مفزعا مِن التّونسيّين يحنّون إلى هراوة الاستبداد حنينَ العبد إلى صفعات سيّده أو يعتبرون بيعَ أصواتهم يومَ الاقتراع صفقةً رابحة لا عارَ فيها ولا شنار. لذا قد نجد أنفسَنا بسبب هؤلاء وغيرهم مِن النّخب المأجورة المروَّضة داخل الكواليس الاستعماريّة، في كمّاشة الفاشيّة العسكريّة العميلة (مِن فصيلة "بينوشي" جنرال التشيلي) طيلةَ جيل أو أكثر. وقتها سيستفيق الغفّلُ بعد أن يكون أوانُ الإنقاذ قد فات.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...


أتفهّم جيّدا لوعةَ "الجوقة" العاملة لحساب مرشّح السّيستام-العصفور النّادر". هذا لأنّ انكشافَ الخدعة قبل التّصويت هو أشنعُ ما يمكن أن يتعرّض له عرّابُهم. ففي انتخابات 2014 عندما كتبتُ عدّة تدوينات عن التّحالف الخفيّ بين النّهضة والنّداء (وهذا ما تأكّد لاحقا أنّه أمر يقين بالحجج والشّهود)، هاجمني المئاتُ مِن قواعد الحليفيْن بأقذع الشّتائم في التّعليقات والرّسائل وبالتّبليغات الجماعيّة الممنهجة. بيد أنّ النّدائيّين قد أبدوْا تفوّقا ملحوظا على إخوانهم النّهضويّين. مِنهم مَن عرفتُه في المظاهرات والمسيرات المعارضة للتّرويكا. أذكر أنّي قضّيتُ وقتها عدّة أيّام ألاحق المعتدين بالحظر حتّى أمنعَهم مِن النّجاح في إغلاق صفحتي. نفسُ المشهد يُستعاد في انتخابات 2019.🤮🤮🤮

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

لِمَ تدّعي جوقةُ "مرشّح السّيستام-العصفور النّادر" أنّه مستقلّ؟؟ ألم يتقلّدْ عدّة مناصب في العهد التّجمّعيّ؟؟ ألم يكن وزيرا مع الحكومات الانتقاليّة ثمّ الإخوانيّة؟؟ أكان يستطيعُ التّعايش المهنيّ السّلميّ مع حمّادي تفجيرات لو كانتْ له صلةٌ بالاستقلاليّة السّياسيّة؟؟؟

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

عديدُ أعضاء "النّخبة" من الإعلاميّين والجامعيّين والنّقابيّين قد انخرطوا في الدّعاية لمن أسمّيه "مرشّح السّيستام الدّاعشيّ-المافيوزيّ" منذ موت السّبسي: بعضُهم من فصيلة المرتزقة الّتي تؤدّي دورا مأجورا كعادتها. لكنّ أغلبهم، حسب فهمي، مخدوعون في هذا "العصفور النّادر" ولم يفهموا شيئا مِن شناعة اللّعبة الإخوانيّة-الفاشيّة-الاستعماريّة. مِن هؤلاء مَن يطالب بحكم عسكريّ يمحق كلّ الحقوق القليلة المكتسبة، وأهمّها الحقّ النّقابيّ... عندما أقرأ تدوينات هؤلاء الحمقى الجاهلين بالشّأن العامّ، يصيبني الغثيان والإحباط. لذا ألغيتُ اشتراكي مِن صفحات عديد الأصدقاء المنخرطين في "خدعة السّيستام" عن وعي أو عن جهل. فقراءة ما يكتبون تدمّر الأعصاب وتقضي على ما تبقّى من الأمل في إنقاذ ما يمكن إنقاذُه.
🤮😟🤮

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

سؤال إلى مرتزقة الفاشيّة العسكريّة:
إذا كان الرّئيسُ الرّاحل قد بقي تحت مفعول التّخدير منذ الوعكة الصّحّيّة إلى أن تُوفّي، فمتى تمكّن مِن أن يكتب "وصيّة" لمرشّح السّيستام يورّثه فيها عرشَ تونس؟؟؟ وإن صحّ وجودُ هذه الوثيقة العجيبة، فما الّذي يمنعُ عرضَها على الشّعب التّونسيّ القاصر عن اختيار مرشّحه بنفسه والواقع تحت وصاية الأموات قبل الأحياء؟؟؟

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

"صبيانُ شيكاغو": هو لقبٌ ساخرٌ خُصّ به الاقتصاديّون التّشيليّون الّذين دُرّبوا في جامعة شيكاغو الأمريكيّة الخاصّة. ثمّ أُرسلوا لتطبيق الإصلاحات الاقتصاديّة المطلوبةَ (ليبراليّةٌ لامحدودة، تصفيةُ القطاع العامّ، إغراقُ البلاد والعباد بالدّيون، تدميرُ الإنتاج الصّناعيّ والفلاحيّ الوطنيّ...) في بلادهم "تشيلي" بعد الانقلاب الدّمويّ الّذي قاده الجنرالُ الفاشيّ "أوجستينو بينوشيه"، بدعم أمريكيّ مخابراتيّا وعسكريّا، ضدّ الرّئيس الشّرعيّ المنتخَب ديمقراطيّا "سلفادور ألندي". سُمّيتْ إصلاحاتُهم تلك "العلاجُ بالصّدمة"...
وهذا بالضّبط ما تروّج له الحكوماتُ العميلة المتعاقبة عندنا لمّا تنظّر لخطّة "الإصلاحات الموجعة" الّتي يُمليها عليها عرّابُها "صندوق النّقد الدّوليّ" الّذي هو قاطرةُ الاستعمار الحديث. والدّليلُ أنّه بعد "صدمة الإصلاحات" تلك خرجتْ دولةُ "تشيلي" مدمّرة تماما ومرهونة على مدى أجيال عدّة.😠🐸😠

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

تمثّل الانقلاباتُ العسكريّة (دمويّا أو صندوقيّا) إحدى الآليّات الحاسمة الّتي تلجأ إليها المحافلُ الماسونيّة العالميّة كي تفرض هيمنتَها الشّاملة الخانقة على الدّول المُعدَّة للذّبح: انقلابُ الجنرال "أوغستو بينوشيه" يومَ 1973.09.11 على الرّئيس الشّرعيّ "سلفادور ألندي" في التّشيلي نموذجٌ صادم لم يُدرسْ عربيّا كما يجب.

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

أعوانُ السّيستام حفّظوا الجوقةَ عبارة "رجل دولة" وكلّفوهم بترديدها في جميع المواقع والمناسبات بلا تفسير أو تحليل أو نقاش أو دليل على انطباق الصّفة على الموصوف... وهل يحتاج القطيعُ السّائر إلى حتفه إلى دليل على نجاعة سكاكين المذبح؟؟؟
(ملاحظة: القطيعُ الحيوانيّ يحدس بسوء المصير ويحسّ بوطأة الموت الآتي. أمّا القطيعُ الآدميّ فهو فاقد لقوّة الحدس هذه).😠🤮🧐