توضيح: اِخترتُ
هذا الفصلَ البديعَ لرقنِه ونشرِه في مدوّنتي مع الإحالةِ إلى مصدِره بدقّة. وعذري
في هذا "السّطو" على الحقوقِ الأدبيّة للكاتب والنّاشر هو إعجابي بالنّصّ
ويقيني مِن حاجةِ الكثيرين إليه، عسى أن يفهموا حجمَ الحضيض الّذي انتهوْا إلى
قاعه. ❀ زعامةٌ
استزلاميّةٌ ❀ Leadership
Clientéliste هي سلطةُ زعيمٍ زاهٍ أو باهر، تروّجُها ثقافةٌ
شُعبويّة لأغراضٍ سياسيّة. مِنها: إدامةُ زعامته بلا مُـمانعةٍ أو نقدٍ أو
محاسبة. وهي شكلٌ مِن أشكالِ الزّعامة المطلَقة، عمادُها مصادرةُ الجمهورِ، قطعُه عن واقعه، منعُه
مِن التّفكّرِ في أموره والتّدبّرِ في توجّهاتِ مصيره. فمِن القطيع يُولدُ الإقطاعيُّ الّذي يقتطعُ الجمهورَ
لحسابه. في التّقاليدِ والعادات السّياسيّة اللّبنانيّة يُسمَّى المقطوعُ
للزّعيم "زَلَـمة"،
بمعنى رجُلِه الخاصّ به، المؤمنِ بلا مناقشة، المستسلمِ له، المنقادِ لحكمِه أو
لمزاجِه [...]. الزّعامةُ الاستزلاميّةُ ليستْ حديثة. لكنّها معاصرةٌ
ومستمرّة. ظهرتْ في كلّ مراحل الإقطاع المدنيّ والعسكريّ لتنهضَ بدورِها
السّياسيّ المخرِّب لأدنَى أشكال التّعبير البروتوديمقراطيّ. اِزدهرتْ في العصر
العبّاسيّ (زعامات أو نقابات العيّارين والشّطّار والعسس أو
العيون). واستمرّتْ في أنماطِ الحكمِ الإقطاعيّ الاستبداديّ أيّامَ العثمانيّين
الأتراك. ومع الاستقلالاتِ العربيّة الحديثة تجدّدتْ، وتمدّدتْ مِن النّظامِ
القديم إلى النّظام المستحدَث. فزوّرت اللّعبةَ الدّيمقراطيّة، وتواطأتْ مع
الحاكمين ضدّ المحكومين. ثمّ انبثّتْ في مؤسّساتِ الدّولة الحديثة مِن خلال
ظواهر الأزلام/المحاسيب (الـمَحْميّين) والانتهازيّين الّذين أنتجَهم النّفاقُ الثّقافيّ-السّياسيّ على حسابِ المبادئ والقيم والقوانين المعلَنة وغير المعمول
بها. في فقهِ النّظام العربيّ السّياسيّ المعاصر، تتألّق الزّعامةُ
الاستزلاميّةُ، وتفتّتُ أو تشرذم ما تبقّى لدى الجماهير مِن مواطَنة أو وطنيّة.
وتُبنَى "الجماعاتُ السّياسيّة المغلَقة" حول السّلطات المقامة على هذا النّحو. ويُعاد
تكرارُ إنتاج السّلطات المحلّيّة أو العامّة (المركزيّة) آحاديّا بلا تغييرٍ مِن الدّاخل. إنّ سلطةَ الفرد،
الملَكيّ أو الجمهوريّ، تنبعُ مِن هذا النّسق المتخلّف والاستبداديّ للزّعامة
الاسْتزلاميّة الّذي يجري تناقلُه وتوارثُه، ما دام المجتمعُ نفسُه قد أُفرغ مِن
حراكِه السّياسيّ صعودا أو هبوطا، وجُـمِّد في منزلةِ «لا حياةَ
لـمَن تُنادي». [...] إنّها زعامةٌ تابعة وسمسارة وخائنة. ❀
ملحق موسوعة السّياسة، د. خليل أحمد خليل ❀ ❀ المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، الطّبعة 1 ❀ ❀ بيروت،
2004، ص: 422 ❀ |
هناك تعليق واحد:
نصّ أكثر مِن رائع لأنّه يوصّف واقعَنا المرضيّ: كلُّ "طائفة" تسخر مِن تقديس منافسيها لأصنامهم دون أن تكون قادرة على إدراك أنّها غارقة في نفس المستنقع.
إرسال تعليق