محاكمةُ الغائبِ
يومَ الإثنين الفارط [2011.06.19] حُوكم الرّئيسُ التّونسيّ السّابق وزوجتُه في المحكمة الابتدائيّة. كان قفصُ الاتّهام شاغرا فاغرَ الفم يهزأ بنا قتلى وجرحى وملتاعِين. سُلّط على الغائبيْن أقصى العقوبات، ربّما لأنّهما غائبان. وكان قد سُلّط على "الحاضر الأنيق المحتفَى به" أخفُّ عقوبة ممكنة! لو أحسن المتّهمان قراءةَ الأحداث لحضرا المحاكمةَ طوعا دون حاجة إلى"طلب تسليم" أو "بطاقة جلب دوليّة". كانت ثقتُهما في "تطبيق القانون" وفي "القضاء العادل المستقلّ" وفي "ضرورة المحاسبة قبل المصالحة" أكبرَ من ثقتنا في كلّ ذلك. لذا خيّرا الحضورَ بالغياب من باب سوء التّقدير لا غير.
ليس لنا من هذه المحاكمة إلاّ قيمتُها الرّمزيّة. غايتُها امتصاصُ الغضب الشّعبيّ والإقناعُ بأنّ شروط الانتقال الدّيموقراطيّ قد تحقّقت. فلا خوف بعد اليوم. وليعلمْ كلُّ طاغية آتٍ أنّ القضاء له بالمرصاد. سيُفرد له القفصَ، وينطق ضدّه بالحكْم الفصل، ويُدينُه على عيون الملإ. وقد يُصادِر بعضَ أملاكه، ويُجمِّد ما تيسّر من أمواله، ويفضح القليلَ من أعوانه. ثُمّ سيبارك الإعلامُ الرّسميُّ هذا الإنجازَ التّاريخيّ مسبّحا بحمد الثّورة الّتي وهبتنا إيّاه.
سادتي، الرّسالةُ وصلت بليغةَ المعنى. فهمناها من الوهلة الأولى: مازلنا في قلب الرّحى!
فوزيّة الشّطّي
تونس: 2011.06.22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق