إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

2011-08-23

لن أخذلكَ، يا شعبُ: سمير الفرياني

"لن أخذلك، يا شعبُ": سمير الفرياني

هو ضابطٌ سامٍ موقوف في "العوينة" دون بطاقة إيداع منذ يوم [2011.05.29] بعد محاولة اغتيال فاشلة في "حيّ الضّبّاط" بخزندار. وينتظر محاكمة عسكريّة.
أمّا التّفاصيل: فتتمثّل في أنّ سيّارتيْن إحداهما بلا رقم والأخرى تحمل رقما مزوّرا قد لاحقتاه ذاك اليومَ وحاصرتاه وضربتا بابَ سيّارته في محاولة واضحة لتصفيته. لكنّه تدارك الأمرَ، فشغّل "جرسَ الطّوارئ" الخاصّ به. الجلبةُ الحاصلة أخرجتْ النّاسَ من ديارهم، وانفضحتِ المؤامرةُ. فاضطُرّ أعوانُ "البوليس السّياسيّ" إلى اعتقاله.
أمّا الأسباب: فهي أنّه تحدّث عمّا حصل وما يزال في "وزارة الدّاخليّة" من ترقيةِ رموز الفساد عوض محاسبتهم ومن تدميرِ جزء هامّ من أرشيف الدّاخليّة خاصّة ما يتعلّق منه بقضيّة اغتيال القياديّ الفلسطينيّ "خليل الوزير: أبي جهاد" في تونس يومَ [1988.04.16] على يد "الموساد". الرّائج أنّ "بن عليّ" كان عميلا للمخابرات الصّهيونيّة، ودورُه في تصفية هذا الشّهيد كان حاسما. "سمير الفرياني" تجاوز الاحتجاجَ الشّفويّ غيرَ النّاجع إلى الكتابة. فنشر مقالين في جريدة "الخبير" يفضح فيهما الجرائمَ الّتي عاينها بنفسه. واعتمدتْ جريدةُ "الجرأة" بعضَ اعترافاته في مقالٍ عن الموضوع نفسه.
لأنّه نطقَ وسطَ الصّمت الرّهيب مُغرِّدا خارجَ السّرب ولكونه شاهدا من أهلها [نعني "وزارة الدّاخليّة" الّتي ما تزال علاقتُها بالمواطن محكومةً بالشّكّ والتّوتّر والنّفور من الطّرفين] وجدتْ اعترافاتُه صدًى هامّا لدى الرّأي العامّ التّونسيّ بكلّ مكوّناته، سيّما وأنّ خيبات الأمل الجماعيّة قد تراكمتْ وتضخّمتْ حتّى استحالتْ رِيبَةً تُوهِنُ العزائمَ وتُقِضُّ المضاجعَ.
أمّا التّهمُ: الّتي لُفّقت للضّابط السّامي فهي ثلاثٌ:
1- إفشاءُ أسرار الدّولة.
2- التّآمرُ على أمن الدّولة الخارجيّ.
3- زعزعةُ الأمن الدّاخليّ.
   الأبحاثُ ما تزال جارية. وقد حُقّق معه مرّتين، كانت الثّانيةُ بطلب منه لأنّه أراد الإدلاءَ بشهادات أخرى لحاكم التّحقيق. لم يسانده أيٌّ من زملائه الّذين طلب شهاداتهم، بل أنكروا كلَّ ما قال. لكن خارجَ المحكمة اعترفوا بأنّهم تلقّوْا تهديدات بالسّجن والقتل إن أدلُوا بأيّ شهادة لصالحه.
   "سمير الفرياني" لَم يُحاكَم إلى الآن، ربّما خوفا من أنّ محاكمته ستفتح ملفّات خطيرةً مُحرِجة مُورِّطة.
أمّا العبرُ: من هذه الحكاية الدّراميّة فيمكن تلخيصُها، على كثرتها، في ثلاثٍ على قدر التّهم الجاهزة لكلّ من يجرؤ على "كشف المستور من بقايا الدّيكتاتور" أو فضحِ منظومة الفساد والاستبداد أو المطالبة بتفكيكها وبتصفية بقايا الطّغيان المستشري في كلّ القطاعات:
1- التّجمّع "المنحلّ" هو الحاكم بأمره في البلاد:
تناومتْ بعضُ خلاياه السّياسيّة حينا ثمّ استعادتْ "شرعيّتَها" عائدةً بأسماء مستعارة وبحنين لا يني إلى النّفوذ القديم. بالمقابل اشتغلتْ خلاياه الأمنيّة والقضائيّة والإداريّة على قدم وساق لتدمير وثائق الإدانة، لتصفية الخصوم التّقليديّين والجدد، لتوسيع مجال أنشطة المافيات المحلّيّة والأجنبيّة.  
2- التّآمرُ على الشّعب التّونسيّ حقيقة تتأكّد كلَّ يوم:
يدوس السّاسةُ الضّميرَ الجمْعيّ بصلافة الجبابرة وعَنَتِ الفاسقين. المطبِّعُ مع الكيانِ الصّهيونيّ عدوِّ الشّعوب جميعِها والمساندُ الرّسميّ لِ "بن عليّ" في مأسَسة الفساد والمدمنُ منذ عقودٍ على استبداد الزّعيم الأوحد، هؤلاء التقتْ مصالحُهم ضدّ مصلحة الغالبيّة العظمى من الشّعب. وكلّما تعقّد الوضعُ الاحتجاجيّ أرسلوا علينا طيرا أبابيل ترمينا بحجارة من سِجّيل. حسبُنا أن نتذكّر العصابات الموضوعة في حالة استنفار الّتي التهمتِ الأخضرَ واليابس مباشرة بعد تصريحات السّـيّد "فرحات الرّاجحي".
3- زعزعةُ الثّورة وتعطيلُ أهدافها بكلّ السّبل الملتوية:
أعوانُ "الثّورة المضادّة" يجِدُّون علَنا والأبوابُ مُشرَعَة أمامهم ليُحرّضوا المواطنين على مهاجمة بعضهم بعضا، ليُصنِّعوا "قَبَليّة" طاحنة تنطفئُ جذوتُها بأسرع ممّا اشتعلتْ، ليجعلوا الخبزَ اليوميّ المرّ أندرَ من الماء في الفيافي... بذا وذاك تشتدُّ نقمةُ "المواطن" على المحتجّين والمتظاهرين والثّائرين. فتقوَى سيادةُ "أُولي الأمر" بقدر ما يَحْمَى وطيسُ "المحكومين".
قال "سمير الفرياني" وقد قرّر تحمّلَ وزرَ المسؤوليّة: «لن أخذلكَ، يا شعبُ». ردّا للجميل نقول: «لن نخذلكَ، يا ابنَ هذا الشّعب الكريم.»

فوزيّة الشّـطّي
    تونس: 2011.08.16





هناك تعليق واحد:

Faouzia Chatti فوزيّة الشّطّي يقول...

لا أعلمُ بقيّة القصّة... فهل مِن خبر يقين؟