قَاطـِــــــــعُوا
أحـزابَ الأمِّـــــــــــــــــــــــــــــــــيّةِ
تعمّدتِ «الهيئةُ المستقلّة للانتخابات» أن تعتمدَ الدّارجةَ أداةَ تواصلٍ مع الجمهور التّونسيّ
شفويّا وكتابيّا. تكون بذلك قد تفوّقتْ في الاستهانةِ بالعربيّة الفصحى حتّى على
"بن عليّ" نفسِه الّذي أدمن ارتكابَ خطيئتيْن: أن يثأر لأُمِّـيّته من
لغتنا وأن يُنفِّذ مشروعَ "العَمالةِ الثّقافيّة". فهو لم يجرؤْ على تجاهُل الفصحى في مثل هذه المقامات.
لذا جاءتْ حملاتُه الانتخابيّةُ فصيحةً على خواءِ مضامينها.
أوّلُ أُسسِ المشروع المذكور القضاءُ التّدريجيّ على
لغةِ الحضارة والانتماء بسحبِ البساط من تحت أقدامها وتعويضها بالدّارجة
المحلّيّة. يتِمّ الأمرُ بحجّة تبسيط المعلومة في انتظار أن تحتلَّ الفرنسيّةُ أو
الأنقليزيّةُ مواقعَ العربيّة المدحورة كَرْها من أرضها ومن ذاكرة أهلها.
فالسّماعُ أبو الملَكات، والعيانُ لا يحتاج إلى البيانِ.
وعلى منوالِ «الهيئةُ المستقلّة للانتخابات» نسجتْ بعضُ الأحزابِ المتنافسةِ في انتخابات "المجلس
الوطنيّ التّأسيسيّ" حتّى تفوّقتْ عليها بقصَب السّبقِ في ما
نسمّيه "نشر
الأمِّـيّة العمِيلة". وأرتْنا لافتات فخمةً تتصدّرُ الشّوارعَ:
الدّارجةُ أداتُها، والضّحالةُ سِمتُها، والشُّبهةُ دُرُّها المكنونُ – المفضوحُ. هذه الأحزابُ تُدِينُ نفسَها إذْ تُثبت لنا
أنّ الغايةَ عندها تُبرّر كلَّ وسيلةٍ. ولنيلِ العرش ستُضحّي بدمنا ولحمنا
وعِرضنا... كما ضحّتْ اليومَ بلُغتنا.
لذا أتبنّى حملةَ مقاطعة الأحزابِ الّتي تعتمدُ
الدّارجةَ في حملاتها الانتخابيّة الحاليّة والمقبِلة. أمّا التّعليلُ:
1- بسلوكٍ أبْـيَنَ من فلَقِ الصّبح تعبِّر هذه الأحزابُ عن
انبتاتِ أصحابها وعن نزعتهم "الفرنكفونيّة" اللاّمشروطة. إرضاءُ "السّـيّد" الغربيّ عندهم أوْلى بكثير مِن الوفاء
لانتمائهم. أدْمنوا وصايتَه عليهم، ونالوا الثّمنَ جزيلا في المجال اللّغويّ كما
في غيره. الأكيدُ أنْ يُحتفَى وراءَ البحار بمجهودهم الجبّار في نشر "المدَنيّة - التّغريبيّة". أمّا هذه التّربة فإنّي أراها تَعافُهم
وتَلفَظُهمْ.
2- هذا السّلوكُ الـمُشِين الـمُهِين يُثبِت أنْ لا ثقةَ في
السّاسة حاكمين مستبدِّين كانوا أو معارضين مضطهَدين أو طامعين في السّلطة. لا
أمانَ معهم، فمصالحهم هي الخصمُ والحكَم. لَكَمْ شتمُوا أمّـيّةَ "بن
عليّ" وسخِروا من ضحالة شهائده العلميّة. لكن بمجرّد أن وقفوا يتربّصون بالعرش
الخاوي الواعِد بالخير العميم تلبّستْ بهم أمّـيّةٌ مضاعَفة. وإنْ وجدوا لغةَ
القذْف والسِّباب سبيلا إلى انتزاع أصوات النّاخبين لا أخالُهم سيتردّدون كثيرا
قبل إتحافِ مسامعنا بما "لذّ وطابَ" منها حتّى مِن على المنابر الخَطابيّة.
3- لا يُعقَل أن نأتمن "أحزابَ الأمِّـيّة" على هذا الوطن العزيز، نحن مَن عانينا الأمرّيْن من
حاكمٍ جاهل جهَلوت دمّر الأرضيّةَ الثّقافيّة السّابقة وحَشَّ نبتَها جذورا
وأغصانا. حتّى وهو على تلك الحال لَم يُغفِل ورقةَ التّوت. فأدار حملاتِه
الانتخابيّة ضدّ أشباحِ المنافسين بفصاحةٍ لا تشُوبها شائبةٌ. يكفي أن نستحضر
شعارَه الأخير: «معًا لِرفعِ التّحدِّيات» الّذي أصوغُ على منواله عنوانَ الحملةِ: «معًا لِرفعِ أمِّـيّة السّاسةِ».
إذن لِنقاطعْ جميعا أحزابَ الأمّـيّةِ لأسبابٍ ثلاثة:
أوّلا: لأنّها لا تُمثِّلنا،
ثانيا: لأنّها لن تخدِم المصلحةَ الوطنيّة،
ثالثا: لأنّها تُهينُ ثورتَنا الضّاربةَ
عروقُها في هذه الأرض الأصيلة.
فوزيّة الشّـطّي
تونس: 2011.08.21
هناك تعليق واحد:
سأرفع نفسَ الشّعار "قاطِعوا أحزابَ الأمّيّة" في الانتخابات القادمة، هذا إن قدمت...
إرسال تعليق