النّهضةُ: سين؟ وجيم!
1 - كيف تُعرِّف النّهضةَ؟
- هي حزبٌ حداثيّ سَلَفيّ، تقدُّميّ أصولِيّ، اشتراكيّ ليبيرالِيّ. نظامُ الحكم فيه جمهوريّ إسلاميّ ديموقراطيّ. والمشروعُ المجتمَعيّ المنشود مدَنِيّ بالأساس ينهل من السّلفِ الصّالح هيئةً وسلوكا وتفكيرا ونمطَ حياةٍ.
2 - ما رأيكم في قانون التّناصُف بين الجنسين الّذي أقرّتْه "هيئة ابن عاشور"؟
- هو قانون يُهين المرأة لأنّه يعاملها كما لو كانتْ قاصرا عاجزةً عن افتكاك ما تستحقُّ بمجهودها الخاصّ. وهو في الوقت نفسه مكسبٌ للمرأة التّونسيّة يُعزّز مكانتَها في المجال السّياسيّ. نحن نُدينه بقدرِ ما نباركه، ونَعِيبُه بقدرِ ما نُثمِّنه. وإنْ رأى بعضُ الجهَلةِ تناقضا في مواقفنا فليُعالجوا قصورَهم الذّهنيّ قبل فوات الأوان.
3 - ما منزلةُ "مجلّة الأحوال الشّخصيّة" في برنامجكم الاجتماعيّ؟
- لا تراجعَ البتّةَ. إنّنا نُقرّ بريادتها وبأفضالها العميمة على الشّعب التّونسيّ. بيد أنّ بعضَ الفصول الثّانويّة تحتاجُ مراجعةً جزئيّة تفاعُلا مع الواقع الجديد، خاصّةً وأنّ بابَ الاجتهاد مفتوحٌ على مصراعيْه. فما الضّررُ الّذي سيلحق المرأةَ إن سُمح مثلا بتعدّد الزّوجات للقضاء على ظاهرةِ "العنُوسة"؟ لِم يجبُ أن تنفردَ امرأةٌ وحيدة برجلٍ كامل يمكنه القيامُ بأربعِ نساء وما زادَ عنهنّ مِمَّن حلّل اللّهُ؟ أليس هذا سلوكا أنانيّا يُؤْثِر المصلحةَ الفرديّة على مصالح الأمّة؟ أهكذا تكون المرأةُ الّتي تَتلمذتْ على القُدوات الصّالحات وتشبّعتْ بالإسلامِ دينِ التّسامُحِ والتّضامن والإيثار؟!
4 - كانت البطالةُ أهمَّ دوافع "ثورة الحرّيّة والكرامة". كيف التّصدِّي لهذه المحنة حسْبَكم؟
- الحلُّ الأمثل هو الّذي يضرب عصفوريْن بحجرٍ واحد. أوّلا نُعيد "الجنس اللّطيف" إلى حياة الصَّوْن والدَّعَة والعَفاف الّتي خصّها الخالقُ بها. ستنعمُ المرأةُ بمطلقِ الحرّيّة في مطبخها وبتمامِ الكرامة داخل أسوار بيتها. إنّها كالدُّرّ المكنون، كلّما خفيَ عن العيون اتّقد بريقُه أكثر. فلِم نُعرّضها للشّقاء والمهانة غصبا عن إرادة الخالق وإرادتها، والحالُ أنّ شقيقَها الرّجلَ الّذي ألزمه الشّرعُ بواجب القِوامة يكابد بطالةً مُزمِنةً؟! وكيف يجوز لنا التّأسيسُ للعدلِ الاجتماعيّ ولحسنِ توزيع الثّروة إذا تواصلتْ هذه المفارقةُ العجيبة: أُسَرٌ يعملُ فيها كلا الوالديْن وأخرى يُعطَّل فيها الوالدان معا؟! البطالةُ مشكلٌ وهْميّ، يكفي إعادةُ توزيعِ الأدوار للقضاء عليه نهائيّا.
5 - المجتمع التّونسيّ يكابد أزمةً أخلاقيّة عامّة. ما الحلُّ الّذي تروْن؟
- أُولَى آليّاتِ التّطهير الأخلاقيّ أن نُغلق بيوتَ الدّعارة الّتي حرّم اللّهُ ونُشرّعَ زواجَ "المِسْيار" في مرحلةٍ أولى. فإن لَم يفِ بالغرض لجأنا إلى "الزّواج العُرفِيّ" أو "زواج المتعة" حتّى نحفظَ أمّتَنا من الزّنا أمِّ الكبائر. إنْ جَمّدْنا الفسادَ الأكبر بالضّربة القاضية لن يعِزَّ علينا الفسادُ الأصغر بكلّ تفريعاته. تعلمون بلا شكٍّ أنْ ليس أفضلَ من الحلال ولا أحلى منه.
6 - أنتم متّهَمون بحيازةِ المال السّياسيّ غير المشروع. والدّليلُ تصادُمكم مع "هيئة ابن عاشور" حول قانون تمويل الأحزاب. كيف تردّون؟
- أوّلا: حسْبُنا اللّه ونِعْمَ الوكيلُ، ثانيا: حمانا اللّهُ من كلِّ حاسد حسُود ومن كلِّ عينٍ مالحة كؤُود، ثالثا: لو انهال هذا المالُ على الخصوم الصّائدين في الماء العَكِر أكانوا سيغُضّون الطّرْفَ عنه بداعِي نظافة اليد أو شفافيّة التّمويل أو نزاهة الانتخاب؟! ثراءُ حساباتنا البنكيّة هو من فضلِ ربّي ومن تبرّعات المؤمنين بالدّين الحقِّ حيثُما كانوا. ومع هذا أعترف بتضامنِي مع المنافسين الّذين عَدِمُوا نعمةَ أخُوّةٍ إسلاميّة لا تعترفُ بالحدود السّياسيّة أو الجغرافيّة أو القانونيّة.
7 - كمْ فنّانا ومفكِّرا تنوُون إهدارَ دمه؟
- لَم نُحدِّدْ القائمةَ النّهائيّة بعدُ. لكن نعِدكم بنشرها في كلّ وسائلِ الإعلام الصّديقةِ والحليفةِ بمجرّد استوائنا على العرش ليعتبِر بها من زاغَ سهْوا أو قصْدا عن الصِّراط المستقيم.
8 – تطبيقُ الشّريعة يُفزع غالبيّةَ التّونسيّين؟ هل لكُم أن تُطمئنوهم؟
- الاعتقادُ في تعارُض الشّريعة مع منظومة حقوق الإنسان وهمٌ وقِصرُ نظرٍ. إنّ قطعَ يدِ السّارق يحمي حقَّ الإنسان في مِلكه، ورجمُ الزُّناة رجْما جماعيّا على عيونِ الملإ يجعل المواطنَ الصّالح شريكا للدّولة في ترسيخ كريم الأخلاق... في كلِّ حُكم شرعيّ حِكمةٌ تُدرَك بالتّدبُّر. فلِم تُدمنون النّظرَ إلى النّصف الفارغ من الكأس مع أنّ نصفَه الملآن يُشفي الغليلَ؟!
9 - ما منزلةُ العَلمانيّة عندكم؟
- العَلمانيّة بِدعةٌ غربيّة يعملُ الصّليبيّون على تصديرها إلينا عبرَ عُملائِهم المنبتِّين حتّى يهدموا دولةَ الإسلام والمسلمين. هي عندنا بمنْزلة الوباءِ الواجبِ قهرُه بكلِّ الأسلحة المتاحة.
10 - لكنّ تركيا الّتي تُفاخرون بمتانةِ العلاقة معها و بـ "حزبِ العدالة والتّنمية" الحاكمِ فيها يُقِرّ دستورُها بعَلمانيّتها. ألا تقعون في التّناقض؟
- لا تناقضَ إطلاقا. لكلّ بلدٍ خصوصيّاتٌ. فالعَلمانيّةُ التّركيّة الموجودة تكتفي بفصل الدّين عن الدّولة، بينما العَلمانيّةُ التّونسيّة المنشودة هي إلحادٌ ذمِيم وكفرٌ باللّه ونفيٌ للدّين. لا تنسوْا أنّ المفاهيمَ تتلوّن حسْب الظّروف والملابسات الحافّة بها. ثمّ أليس من الحكمة أن نترك لتركيا عَلمانيّتها وأن نأخذَ عنها ديموقراطيّتها الّتي تسمح للأحزاب الدّينيّة بالتّشكُّل وبالاستحواذ على السّلطة؟ هذا هو الوجهُ التّركيّ المشرِق الّذي تتعمّدون التّعاميَ عنه.
11 - "الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة" أقرّتْ المساواةَ في الإرث بين الجنسيْن. أيحِقُّ للمرأة التّونسيّة أن تحلمَ بهذه المساواة في ظلّ حكمِكم الرّشيد؟
- إيرانُ الفارسيّة الشّيعيّة ليستْ تونسَ العربيّة السُّـنّيّة. أعيد للمرّةِ الألفِ: مراعاةُ الخصوصيّة المحليّة هي مفتاحُ الفلاح. هاجسُنا أن نُخفِّف أعباءَ المرأة لا أن نُضاعفَها. ونصفُ الإرث مسؤوليّةٌ ثقيلة. فكيف بالإرث الكامل؟!
12 - أيُّ النّماذجِ أقربُ إليكم: "ملاّلي" أفغانستان أم "آيات اللّه" إيران؟
- نحترم تجاربَ كلِّ الإخوان. لكن لا نحتاجُ النّسجَ على منوال أحد، مادُمنا نحظى بزعاماتٍ نموذجيّة كأنّها «البدرُ الطّالعُ من ثنيّاتِ الوداع». حسْبُنا أن نشكرَ العليَّ القديرَ على هذه النّعمة. فلا صلاحَ للأمّة إلاّ بصلاح الإمام، ولا خيرَ في رعيّةٍ خرجتْ عن طاعةِ راعيها.
13 - هل من مكانةٍ للأقلّـيّات الدّينيّة وللمُلحِدين في برنامجِكم السّياسيّ الدّينِيّ المجتمَعيّ؟
- أمّا الأُوَلُ فلهم منّا التّذكيرُ بأنّ الإسلامَ خاتَمُ الأديان. وأمّا الأُخَرُ فندعُو لهم بالهداية وندعوهم إلى حلقات الذِّكر عسَى أن يبْرؤُوا من شرّ الغِواية. إنّ الدّعوةَ إلى الدّينِ الحقِّ جهادٌ مقدَّس لا ينقطعُ إلى أن يرِث اللّهُ الأرضَ ومَن عليها. إخوانُنا هناك يُصدِّرون الثّورةَ، ونحن هنا نصدِّر الدّعوةَ. ولا جزاءَ نريدُ سوى الخلودِ في جنّات الرّحمان الّتي تجري من تحتها الأنهارُ وتطوف فيها الحورُ العِين.
14 - ما نسبةُ الأصوات الّتي تتوقّعون نيلَها في انتخاباتِ "المجلس التّأسيسيّ" ثمّ في الانتخابات الرّئاسيّة؟
- "بن عليّ" كان يُحقّق نِسَبا تِسعينيّةً بالوعيدِ والتّزوير وإنطاق الموتَى. أمّا نحن فسنتحدّاه بتحقيق نفسِ النّسبة، لكن بوسائلنا الخاصّة: المنبعِثون من الخلايا النّائمة والخارجون من ظُلُمات السّجون والعائدون من المنافي والمرتدّون عن "اليسار المفلِس"والتّائبون توبةً نصُوحا من "دولة الفساد والاستبداد"... كلُّ هؤلاء يُمثّلون قواعدَ كاسِحةً لا تُقهر ولا تُردّ. وأجدني، واللّهُ على ما أقول شهيدٌ، عظيمَ الإشفاق على منافسِينا الّذين سيخرجون من الجولتيْن «بيدٍ فارغة وأخرى لا شيءَ فيها».
15 - ما كلمةُ الختام؟
- خيرُ ما نختمُ به هو الآية الكريمة: «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ».
فوزيّة الشّـطّي
تونس: 2011.08.28
تونس: 2011.08.28
هناك 3 تعليقات:
عندما تنبّأتُ بما يحصل لم يصدّقني أحد. والآن؟
تكلّمتُ على لسانهم بأصدق ممّا يقولون.
قلتُ حقيقتَهم على لسانهم، وهم على الدّوام يُكابِرون ويتقنّعون ويُراوِغون...
إرسال تعليق